Thursday, October 26, 2006

قراءات معلوماتية لهموم مصرية‏(5)‏ الأخطاء الطبية

بعد مقال الأسبوع الماضي الذي تناولت فيه أهمية القراءة المعلوماتية لمشكلات الرعاية الصحية في مصر اتصل بي الأستاذ مجدي خير الله ـ رئيس غرفة البرمجيات والاتصالات باتحاد الصناعات المصرية وأحد أكبر خبراء نظم المعلومات الصحية بمصر والمنطقة ـ معلقا علي ما كتبت‏,‏ وخلال الحوار التليفوني اتضح لي أن القضية أكثر عمقا وتشعبا وأهمية عما تصورته‏,‏ وأنه لابد من نقل القضية من مجرد الحديث السريع لمرة واحدة عن البعد المعلوماتي لمشكلات الرعاية الصحية بالبلاد‏,‏ إلي التناول العميق والمتأني لإعادة هيكلة القطاع الصحي بأكمله ليعمل وفق مفهوم الإدارة القائمة علي المعلومات والمعرفة‏,‏ بدلا من المفهوم الحالي المنغمس حتي النخاع في إدارة القطاع بطريقة المباني والأجهزة والتعيينات‏.‏

ولأن الحوار لم يكتمل عبر التليفون زارني رئيس الغرفة وجرت بيننا مناقشة طويلة لعدة ساعات شملت القضية بمختلف جوانبها‏,‏ وبناء علي ما قدمه الأستاذ مجدي خير الله وعلي ما استطعت الحصول عليه من جولات بحث مطولة علي الإنترنت في هذه القضية وجدت أمامي معلومات ضخمة كميا ومهمة نوعيا لا أجد أمامي سبيل سوي الدفع بها للقراء والرأي العام‏,‏ عسي أن تسهم في تقديم مسار جديد ومختلف وغير تقليدي للتعامل مع مشكلات الرعاية الصحية في مصر‏,‏ ولذلك سأتوقف مؤقتا عن مواصلة القراءة المعلوماتية للهموم المصرية الأخري‏,‏ وأركز علي تقديم قراءة أكثر عمقا للمشكلات الصحية‏.‏

لعلنا نتفق جميعا علي أن الهدف النهائي للمؤسسات الصحية هو تقديم خدمات الرعاية الصحية بجودة عالية وفي الوقت المناسب لمن يحتاجها بتكلفة معقولة‏,‏ وهذه معادلة لا تتحقق علي أرض الواقع بدون الاعتماد علي المعلومات والمعرفة‏,‏ لأنها تحتاج إلي كفاءة عالية في السيطرة علي الموارد وفي إدارة جميع الإجراءات والأنشطة داخل المؤسسة الصحية‏,‏ وجميعها أمور تحتاج إلي وجود المعلومات‏.‏

ولو حاولنا التمعن قليلا في هذه المعادلة سنجد أمامنا عشرات من المشكلات الصحية الضاغطة التي تعضد هذه الدعوة‏,‏ في مقدمتها مشكلة‏(‏ الأخطاء الطبية‏)‏ التي تستحوذ حاليا علي اهتمام عالمي واسع وليس محليا فقط‏,‏ لكونها تشكل هما ثقيلا علي طرفي المعادلة‏,‏ باعتبار أن الخطأ الطبي يعني تلقائيا تدهورا في مستوي الرعاية وتكلفة إضافية للمريض والمؤسسة الصحية‏.‏

وبالطبع لن أتناول هنا الخبرة المصرية المفعمة بالألم والمعاناة مع الأخطاء الطبية التي تنهش أداء جميع الأطراف داخل المؤسسات الصحية من الأطباء وهيئة التمريض والمعامل والأشعات والصيدليات وغيرها‏,‏ فنحن مجتمع بلا معلومات موثقة ـ سواء في هذه القضية أو غيرها ـ ومن ثم ليس متاحا لنا معلومات تدل علي حجم الظاهرة وأسبابها وتكلفتها المادية والإنسانية من وفيات وإصابات‏,‏ ولكن ما هو متاح إحساس عام مرير وضاغط بالمشكلة أشرنا لبعض ملامحه الأسبوع الماضي‏,‏ ولذلك سأحاول التدليل علي مدي خطورة الأخطاء الطبية وحجمها وعلاقتها بقضية المعلومات من واقع المعلومات المنشورة حول التجربة الأمريكية في هذا الصدد‏.‏

ظلت مشكلة الأخطاء الطبية بالولايات المتحدة لفترة طويلة غير محددة الملامح‏,‏ ولكن منذ عام‏1999‏ بدأ معهد البحوث الطبية التابع لأكاديمية العلوم الأمريكية يصدر تقارير حول هذه المشكلة من أبرزها تقرير آخر عام‏2002‏ بعنوان‏(‏ منع الأخطاء الطبية‏)‏ ومن أهم ما جاء بهذه التقارير أن عدد الأمريكيين الذين يتوفون سنويا بسبب الأخطاء الطبية يتجاوز عدد الذين يتوفون نتيجة حوادث الطرق وسرطان الثدي والإيدز‏,‏ فالأخطاء الطبية تطال حوالي‏1.5‏ مليون أمريكي سنويا‏,‏ وتبطل مفعول الرعاية الصحية تماما لدي ما يقرب من‏98‏ ألفا يتوفون بسبب هذه الأخطاء‏,‏ بينما يعاني بقية المليون ونصف من تدهور في الرعاية الصحية يعرضهم لتداعيات أخري أقلها المكوث بالمستشفي لفترات أطول‏,‏ ومن ناحية التكاليف قال التقرير أن هذه الأخطاء تتسبب في أعباء مالية إضافية تقدر بحوالي‏37.6‏ مليار دولار سنويا‏,‏ من بينها حوالي‏17‏ مليار بسبب أخطاء كان من الممكن تلافيها وعدم الوقوع فيها‏.‏

وحول أسباب هذه الظاهرة قال المعهد أن من بينها الإدارة غير السليمة للممارسات الطبية نتيجة نقص المعلومات‏,‏ كوصف وتناول الأدوية بطريقة خاطئة نتيجة عدم كتابة الروشتات بطريقة سليمة في سجلات المرضي‏,‏ وأنه حينما يخضع المريض لعلاج من قبل أطراف متعددة فإنهم غالبا لا يعرفون المعلومات الكاملة عن الأدوية الموصوفة أو عن أمراض المريض‏,‏ كما أشار إلي أن ما يتراوح بين‏10‏ إلي‏15%‏ من أوامر الدخول للمستشفيات تعد بشكل خاطئ وتعتبر ذات علاقة بالأخطاء الطبية‏.‏

وفي تقرير‏(‏ منع الأخطاء الطبية‏)‏ تحدث المعهد عما أسماه‏(‏ الوفاة بخط اليد‏)‏ أو الوفيات الناجمة عن التداخلات الدوائية الضارة التي تنتج عن عدم القدرة علي كتابة وقراءة الروشتات الطبية بشكل سليم من قبل الأطباء‏,‏ مما يسبب تشويشا وعدم فهم ما بين الممرضات والصيدليات فيما يتعلق بنوعية الدواء وحجم الجرعات‏,‏ وأشار المعهد في هذا الصدد إلي أن الولايات المتحدة يصدر بها سنويا حوالي‏4‏ مليارات روشتة طبية‏,‏ معظمها يكتب بخط اليد بما فيه من أخطاء‏.‏

أما وكالة أبحاث الرعاية الصحية والجودة فقامت بعمل مسح للبيانات الإدارية للمستشفيات ذات العلاقة بسلامة المرضي خلال عامي‏2000‏ و‏2002‏ وذلك من واقع السجلات الطبية لحوالي‏37‏ مليون مريض‏,‏ وبناء علي هذا المسح أصدرت تقريرا تم تصميمه بناء علي ما يعرف بـ‏(‏ مؤشرات سلامة المرضي‏),‏ وقال التقرير إن حالات الوفاة الناجمة عن الأخطاء الطبية ربما يصل إلي‏195‏ ألف حالة خلال هذه الفترة‏,‏ وأن تكلفة هذه الأخطاء حوالي‏19‏ مليارا‏.‏

هنا نصل إلي النقطة المتعلقة بالعلاقة بين الأخطاء الطبية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات‏,‏ وفي هذا الصدد يمكن القول أن كل الجهات الأمريكية المعنية تكاد تكون قد اتفقت علي أن المخرج الوحيد من المشكلة هو تكثيف الاعتماد علي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل قطاع الرعاية الصحية بدءا من العيادات الخاصة والمؤسسات الصغيرة وحتي المستشفيات الكبري والجهات الحكومية في المستويات الأعلي المسئولة عن التخطيط والمتابعة والتشريع بالبيت الأبيض والكونجرس‏.‏

فمعهد البحوث الطبية أكد مرارا في تقاريره علي ضرورة إنشاء سجل طبي إلكتروني لكل مواطن أمريكي‏,‏ وأن تعتمد جميع المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية في عملها علي هذه السجلات الإلكترونية‏,‏ وتقوم بإدخال كل البيانات الطبية إلكترونيا من أمر الدخول للمستشفي إلي الاختبارات المعملية للفحوص بالأشعة والتمريض وروشتات وملاحظات الأطباء‏,‏ لأن ذلك من شأنه أن يساعد بدرجة كبيرة في معالجة قضية الأخطاء الطبية‏,‏ ودعا الجهات الفيدرالية والمشرعين إلي التدخل‏.‏

وأكدت وكالة أبحاث الرعاية الصحية والجودة أنه خلال عامي‏200‏ و‏2002‏ كانت هناك حوالي‏575‏ ألف حالة وفاة من الممكن تفاديها في حالة وجود إدارة طبية تعتمد كلية علي المعلومات والمعرفة‏,‏ وأن المراحل العلاجية الفقيرة في الوصول إلي المعلومات الخاصة بالعلاج والرعاية الصحية كانت هي السبب المتكرر الأكثر أهمية في حدوث الأخطاء الطبية‏,‏ ولذلك يلزم الاعتماد علي نظم المعلومات لتقليل الأخطاء الطبية‏.‏

وفي عدد مارس‏2005‏ من مجلة الجمعية الطبية الأمريكية نشرت دراسة موسعة حول الأخطاء الطبية‏,‏ جاء فيها إن استخدام نظام إدخال بيانات المرضي آليا عبر الحاسبات وشبكات المعلومات قد سهل تفادي‏22‏ نوعا من الأخطاء الطبية الخطيرة‏,‏ من بينها ازدواج الجرعات الدوائية والروشتات الطبية والعلاجية المحتوية علي أخطاء‏.‏

وقال تقرير أصدرته شركة اكسافاريا المتخصصة في نظم إدارة المستشفيات أن المستشفي المكون من‏250‏ سريرا ويطبق حلول ونظم معلومات صحية متكاملة يمكنه توفير‏4‏ ملايين دولار في العام مقابل إنفاق‏400‏ ألف دولار لتغطية تكلفة المعدات والتركيب‏,‏ وهذا الخفض في التكلفة يأتي من التداول والإدارة السليمة للمعلومات داخل المستشفي‏,‏ والتي ينجم عنها أن يتلقي المرضي العلاجات الصحيحة والأدوية الصحيحة‏.‏

وفي مسح أجرته مؤسسة سكاي سكيب علي‏2800‏ من الأطباء والمعالجين قال‏72%‏ من المشاركين أن استخدام الأدوات اللاسلكية مكنهم من تقديم الرعاية الصحية بسرعة‏,‏ وقال‏84%‏ أنهم أحسوا بأن هناك فرصة كبيرة لتقليل الأخطاء الطبية‏.‏

وقد انعكس ذلك كله علي سياسات الرعاية الصحية التي تطبقها إدارة بوش‏,‏ فبدأت تتحدث عن عام‏2010‏ كنهاية للروشتات اليدوية الورقية وتعميم الروشتات الالكترونية‏,‏ ففي خطاب حالة الاتحاد الذي وجهه بوش إلي شعبه في فبراير‏2005‏ دعا جميع الجهات المعنية بالرعاية الصحية إلي العمل علي الوصول إلي تكنولوجيا معلومات محسنة لمنع الأخطاء الطبية والتكاليف التي لا نهاية لها‏,‏ واقترح برنامجا من عشر سنوات لتعميم ونشر السجلات الطبية الإلكترونية بكل الولايات المتحدة‏,‏ بحيث يكون لكل أمريكي سجل طبي إلكتروني بعد عشر سنوات‏,‏ وقال‏(‏ نحن لدينا الآن أدوية وعقاقير طبية رائعة للمساعدة في الحفاظ علي الحياة‏,‏ ولكن أطباءنا لا يزالون يكتبون السجلات الطبية بأيديهم‏,‏ ولذلك نحن نسعي لتفعيل السجلات الطبية الرقمية‏).‏

وإذا كان هذا هو الحال بالولايات المتحدة‏..‏ فما الحال لدينا ونحن نفتقد الكثير للغاية مما لديهم من وعي وتقدم علمي ومعلوماتي ونظم للمتابعة والرقابة والمحاسبة وتقويم الأداء؟

لن أخوض ـ كما قلت سابقا ـ في حديث جميعنا يتجرع مرارته ليل نهار‏,‏ لكن أقول إن قضية الأخطاء الطبية تكشف ولا شك الحاجة الماسة لإعادة هيكلة القطاع الصحي برمته ليعمل بمفهوم الإدارة القائمة علي المعلومات والمعرفة‏,‏ وهنا يكون السؤال‏:‏ كيف وما مراحل ذلك وما هي الخبرة العالمية في هذا الصدد؟‏..‏إلي الأسبوع المقبل‏.‏


جمال محمد غيطاس
ghietas@ahram0505.net

قراءات معلوماتيه لهموم مصريه‏(4)‏ مشكلات الرعايه الصحي

يعتبر القطاع الصحي في مصر نموذجا صارخا لحاله الفريضه المعلوماتيه الغائبه فالموسسات الصحيه علي اختلاف نوعياتها وتبعيتها وملكيتهاتركز في عملهاغالبا علي اقامه المباني وشراء التجهيزات والمستلزمات وتوفير الكوادر الطبيه‏,‏ لكنها نادرا ما تلقي بالا او تهتم بجوده وكم وتوقيت المعلومات التي يتعين تدويرها وتداولها بين هذه المفردات في مراحل التخطيط والبناء والتشغيل وتقديم الرعايه الصحيه‏,‏ ولذلك ليس هناك تقريبا مواطن بمناي عن الوقوع تحت طائله الاداء الطبي متدهور المستوي او خاطيء الاتجاه او الغائب عن الساحه وقت الحاجه‏,‏ وهو امر يترجم عمليا في نوعيات شتي من المتاعب التي تتراوح بين الاختلاف في نتائج التحاليل والتقديرات الجزافيه لتكلفه العلاج‏,‏ وتنتهي باخطاء التشخيص والعلاج والتمريض التي قد تجرف المريض من طريق الشفاء وتلقي به في هوه الوفاه‏,‏ وهكذا تحولت الرعايه الصحيه الي واحد من ابرز الهموم المصريه التي تجذرت وتشعبت حتي اصبحت مشكله غير تقليديه لكننا لا نزال نتعامل معها بحلول تقليديه حافله بنقاط ضعف ابرزها تجاهل البعد المعلوماتي للقضيه‏.‏

الحاصل ان هناك الكثير من الحوادث التي تقع علي مدار اليوم في العديد من الموسسات الصحيه ويعايشها قطاع كبير من المواطنين وتقدم دليلا علي غياب البعد المعلوماتي في الرعايه الصحيه‏,‏ فمثلا منذ اسابيع دخل شخص مصاب بازمه قلبيه ناتجه عن جلطه احد مستشفيات مصر الجديده وهو في حاجه ماسه الي التدخل الفوري‏,‏ لكن الاطباء اكتفوا بمراقبته وهو علي حافه الموت‏,‏لان حالته كانت تحتم الانتظار لحين الحصول علي معلومات عما اذا كان قد تعاطي ادويه مسيله للدم ام لا قبل هذه الازمه‏,‏ ولانقاذ الموقف اندفع اهل المريض في سباق مع الزمن الي المستشفي الذي عولج فيه من قبل بالمعادي للحصول علي تقرير بحالته الطبيه يوضح الادويه التي تعاطاها في الايام السابقه‏,‏ وبعد خمس ساعات من البحث عاد الاهل بالمعلومات وبدا العلاج الفعلي‏.‏

وهذه ليست سوي واحده من المواقف والمتاعب الصعبه والحرجه التي يتعرض لها مئات المواطنين يوميا‏,‏ وتتراوح بين الوعكات البسيطه وحوادث السيارات المميته‏,‏ والغالبيه العظمي من هولاء ان لم يكونوا جميعا يصلون الي المستشفيات ومراكز تقديم الرعايه الصحيه بلا معلومه واحده عن تاريخهم الطبي‏,‏ يسترشد بها الاطباء المعالجون واطقم الاستقبال في المستشفيات خلال الدقائق الاولي الحرجه التي تعقب وصولهم للمستشفي والتي تعتبر فاصله وحاسمه في رحله العلاج‏,‏ فالطبيب يتعامل مع مريض بلا هويه صحيه‏,‏ فلا يعرف مثلا ان كان مصابا بالسكر او الضغط او سيوله في الدم ام لا‏,‏ وهل لديه حساسيه خاصه من بعض ادويه التخدير‏,‏ وهل تعرض لاصابات سابقه فقد فيها الوعي‏,‏ وهل تناول ادويه ما قبل وصوله المستشفي ويحتمل ان تتعارض مع الادويه التي يحتاجها‏,‏ الي غير ذلك من المعلومات التي توثر في قرارات الطبيب وطريقه تعامله مع المصاب‏.‏

وبسبب غياب هذه المعلومات التي لا يهتم ولا يتلفت احد لضروره توفيرها بمستوي معقول كما وجوده باتت نسبه لا يستهان بها من مصابي الحوادث والطوارئ المختلفه تتعرض لاثار جانبيه او تحرم من فرصه الحصول علي العلاج المناسب‏,‏ بل وقد تتوقف حياه او وفاه البعض منهم علي معلومه ناقصه لا يستطيع النظام الصحي الحالي ان يضمن توفيرها للاطباء في اللحظات الحرجه‏.‏

في واقعه اخري كان هناك مريض في اسوان تعرض لنزيف بالمخ‏,‏ لكن الاطباء المحليين توقفوا عن عمل اي شيء‏,‏لان حالته جعلت من الضروري عرضه بسرعه علي اخصائي خبير في امراض المخ يوجد بالقاهره‏,‏ والمشكله ان حاله المريض لم تسمح بالحركه‏,‏ ومن ثم واجه خطر الوفاه علي الرغم من انه كان ممكنا انقاذه من الموت لو استطاع الاخصائي مناظره حالته واصدار قرار صائب في الوقت المناسب بالعلاج المناسب‏,‏ وهكذا تعرض هذا المواطن للوفاه بسبب عجز النظام الصحي الحالي عن نقل المعلومات الخاصه به من مكانه باسوان لمكان اخر يوجد به الطبيب القادر علي التشخيص والعلاج‏.‏

من ناحيه ثالثه‏..‏ نحن نسمع كثيرا عباره توفي المصاب قبل ان تصل سياره الاسعاف‏,‏ او تاخرت الاسعاف في الوصول بالمصاب للمستشفي فتعذر علاجه علي الوجه الاكمل‏,‏ وفي مثل هذه الحالات عاده ما يكون السبب ان الشوارع مزدحمه‏,‏ وان قائد سياره الاسعاف تنقطع صلته بقيادته داخل مركز الاسعاف وموقع المصاب منذ لحظه خروجه من باب المركز‏,‏ ثم يسير بعد ذلك في الشوارع ويدخل صراعا مع الاف السيارات التي تزاحمه اثناء السير‏,‏ باحثا عن عنوان المصاب اعتمادا علي خبره ذاتيه‏,‏ ووصفات اهل الخير‏,‏ فيتخبط من حاره لشارع حتي يصل لهدفه بعد فوات الاوان‏,‏ وسائق الاسعاف معذور في هذا الفشل‏,‏ فهو منذ لحظه خروجه من المركز لم يعتمد علي معلومه واحده موثقه وصحيحه تشرح له اقصر الطرق الي الهدف واكثرها سيوله وسرعه‏,‏ ولم يكن لديه من يجدد له هذه المعلومات لحظيا اثناء السير ويصحح مساره ويجعله يتفادي المسارات المزدحمه‏.‏

ومنذ فتره قريبه عايشت تجربه شخصيه لطفلين من العائله كلاهما كان يحتاج الي عمليه استئصال اللوزتين‏,‏ فدخلا مستشفيين بالقاهره في اسبوع واحد‏,‏ واجريت الجراحه للاثنين‏,‏ فدفع الاول الف جنيه ودفع الثاني مائه جنيه‏,‏ علي الرغم من كون المستشفيين يقعان في مربع سكني واحد‏,‏ ومع الاخذ في الاعتبار الاختلافات بين المستشفيين فنحن لا نستطيع استبعاد المغزي الذي يتخفي وراء التفاوت الرهيب في السعر ما بين مائه والف جنيه‏,‏ وهنا لا يسعني سوي القول ان هذا التفاوت انما يدل علي وجود تفاوت رهيب في المعايير التي تطبقها المنشات الصحيه بمصر‏,‏ فكل منشاه وضعت لنفسها معاييرها الخاصه التي يتم علي اساسها تقدير التكلفه والحكم علي النتيجه وتقييم جوده الخدمه‏,‏ مما جعل من النادر للغايه ان يقدم احد تفسيرا محايدا مقنعا لتفاوت فاتوره العلاج بين مستشفي واخر‏,‏ او التوصل الي اسباب موضوعيه لا لبس فيها حول اسباب نجاح او فشل الخدمه الصحيه المقدمه للمرضي‏,‏ والمصيبه لا تتوقف عند غياب المعايير الموحده في تقدير التكلفه بل تتجاوز ذلك الي انعدام المعلومات حول المعايير المطبقه بمنطق الامر الواقع‏,‏ وقد لا نكون مبالغين اذا قلنا انه لا يوجد كيان موسسي بالقطاع الصحي تابع للدوله او لاي جهه رقابيه متخصصه لديه معلومات كافيه عن هذه المعايير وعن كيفيه تطبيقها علي المواطنين‏,‏ بل ربما لا يكون هناك اصلا من يهتم بتجميع وفهرسه وتنظيم هذه المعلومات واستخدامها في متابعه اداء المستشفيات‏.‏

واذا ما واصلنا القراءه المعلوماتيه وحاولنا البحث عن مدلولات هذه الحوادث علي المستوي القومي العام سنجدها تقودنا الي نتيجه موداها ان مرفق الرعايه الصحيه لا يزال يدار باساليب تعجز عن تقديم المعلومات الصحيحه والدقيقه التي تتطلبها ظروف العلاج والرعايه الصحيه لكل مريض في الوقت المناسب‏,‏ وان المرفق بوحداته المختلفه كالمستشفيات والوحدات الصحيه الحكوميه والاستثماريه والخاصه والتعليميه والتامين الصحي وغيرها يفتقر الي نظام معلومات قومي قوي يسهل التعامل معه والسيطره عليه‏,‏ ويربط جميع هذه الجهات معا‏,‏ ويوفر طريقا سريعا تتدفق فيه المعلومات الصحيه بين المرضي والاطباء والمسئولين بالحكومه وقطاع الدواء والباحثين في الجامعات والموسسات العلميه وغيرها بسرعه ودقه ليجري توظيفها في تحسين مستوي الرعايه الصحيه بالبلاد ككل‏,‏ وفي ضبط الاداء وتقليل السلبيات في جميع المستشفيات والوحدات الصحيه عن طريق المراقبه المركزيه عن بعد‏.‏

بشكل اكثر تحديدا يمكننا القول ان غياب القراءه المعلوماتيه للمشكلات الصحيه قد زج بمرفق الرعايه الصحيه الي مربع يجعله عاجزا تماما او يواجه قصورا شديدا في بعض الجوانب الاساسيه المتعلقه بالرعايه الصحيه المقدمه للمواطنين ومنها‏:‏

ان هناك عجزا كاملا وربما قصورا شديدا في وضع معايير موحده لتقدير تكاليف الرعايه الصحيه‏,‏ ولو طلب احد معلومات يتم علي اساسها تقدير تكاليف اجراء جراحه الزائده الدوديه علي مستوي البلاد فالاغلب انه لن يجد‏.‏

ليست هناك ضمانه لان تصل سيارات الاسعاف الي اماكن الحوادث في وقت اقصر كثيرا مما يحدث حاليا‏.‏

ليس بامكان المواطن ان يدخل المستشفي او العياده الخاصه فيحصل علي العلاج ثم يخرج ومعه تقرير يحتوي علي معلومات صحيحه ترصد بدقه كل ما حدث له‏,‏ ويستطيع ان يحاسب به المستشفي امام جهات القضاء وشركات التامين والجهات الرقابيه الحكوميه اذا لزم الامر‏.‏

ليس سهلا ان يعرف الاطباء في مستشفيات الطوارئ والحوادث التاريخ الصحي للمصابين بالتفصيل لحظه وصولهم للمستشفيات‏.‏

لا يمتلك المخططون الصحيون بهذا القطاع معلومات كافيه ودقيقه عن خريطه انتشار الامراض بالبلاد ولا خريطه دقيقه عن الموارد المتاحه للرعايه الصحيه من اجهزه ومستلزمات‏,‏ ودليلنا في ذلك تصريحات وزير الصحه خلال الاسبوعين الماضيين حول مشروعات حصر الاجهزه الطبيه عاليه القيمه وبناء قاعده بيانات حولها وعن مشروع دراسه معدلات انتشار مرض الالتهاب الكبدي الوبائي سي‏.‏

وخلاصه ما يمكن الخروج به من ذلك كله ان مرفق الرعايه الصحيه غارق حتي النخاع في الاعتماد علي اسلوب الاداره بالمباني والمعدات والخبرات في مواجهه مشكلات لا مخرج لها الا باسلوب‏(‏ الاداره بالمعلومات‏),‏ وهذا تناقض صارخ في منهجيات المواجهه لا يتناسب مع مقتضيات العصر ولا مع التحديات القائمه‏.‏


جمال محمد غيطاس

Friday, October 13, 2006

مقدمة في البرمجيات الحرة

 
مدخل
 

غدت الحواسيب وبرمجياتها أحد العناصر الساسية في حياتنا اليومية بل وتعدت ذلك بأن شكلت ثورة

جديدة، تحاكي النهضة العلمية والصناعية والتي بدأت قبل قرنين من الزمن، وسميت الثورة الجديدة بثورة

المعلومات.

شملت هذه الثورة جميع قطاعات المجتمع، الفردية، والمؤسسية، والحكومية؛ وغدت قيمة هذه الصناعة تقدر

بمئات المليارات من الدولرات.

نسرد في هذا البحث العديد من البعاد الستراتيجية والخصائص الفنية وقصص النجاح التي تحققت من

استخدام البرمجيات الحرة لمساعدة القارئ في أخذ صورة واضحة عما تمثله هذه البرمجيات بشكل عام ونظام

لينكس بشكل خاص، وبالتالى أخذ القرار المناسب آخذا بعين العتبار جميع البعاد المختلفة.

البرمجيات الحرة هي برمجيات لخدمة الناس ولدارة الحاسوب يتم تطويرها بطرق جديدة من قبل عشرات

الآلف من المطورين المحترفين ومئات الآلف من ضابطي الجودة والموثقين والمليين من المستخدمين حول

العالم. وتتميز البرمجيات الحرة بتراخيصها الحرة والتي تتيح للجميع حرية استخدامها وتوزيعها والحصول

على أصول برمجياتها ) أو ما يعرف ب النصوص المصدرية أو الشيفرة المصدرية( دون الحاجة للرجوع الى

مطوري البرمجيات أو دفع أية رسوم ترخيص. تأتي البرمجيات الحرة بفلسفة أخلقية عالية، هدفها تعميم

الفائدة ودحر الحتكار.

وتتشابه البرمجيات الحرة مع ما يعرف بالبرمجيات مفتوحة المصدر، مع اختلف في التعريف يتمثل بأن

الثانية ل تضمن الحريات الربع الساسية بالضرورة )كما سنأتي على ذكرها لحقا(. لذلك فإن كل برمجية حرة

هي برمجية مفتوحة المصدر والعكس ليس بالضرورة صحيحا. ويقترن الثنان غالبا فيما اصطلح عليه ب

يمثل نظام التشغيل .

Free and Open Source Software (FOSS)x البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر

. جنو/لينكس درة التاج في البرمجيات الحرة. ومن هنا يغلب على تسميتها مجازا ب نظام لينكس

1

تلقي البرمجيات الحرة إقبال ونجاحا منقطعي النظير لما تتمتع به من خصائص. فهي غنية بالمواصفات

والمكانات، وذات أمن وثبات عاليين، وتدعم كافة أنواع العتاد، وتتعامل مع كافة أنظمة التشغيل المعروفة،

وتعتمد المقاييس المفتوحة والمتداولة عالميا، ول قيود على نسخها أو التعديل عليها.

يقابل البرمجيات الحرة، البرمجيات المحتكرة والمغلقة والتي ل تتيح لمستخدمها حق النسخ والتوزيع إل بعد

أن يقوم الخير بدفع رسوم ترخيص عن كل نسخة إضافية يقوم بتنصيبها. بل يذهب العديد منهم إلى المطالبة

برسوم ترخيص عن كل مستخدم للبرمجية. تصور بذلك حجم الجهود المطلوبة لحصر عدد النسخ المنصبة من

كل برمجية مغلقة وعدد مستخدميها ومن ثم تكلفة ترخيصها. بالضافة لكل هذا تعتبر الشركاتالمصنعة أن

أصول برمجياتها هي أكبر السرار وتتبع في سبيل غلقها ومنع الآخرين من الحصول عليها أعقد مستويات

الحماية البرمجية والمادية.

بقلم : كفاح عيسى

Thursday, October 12, 2006

قراءات معلوماتية لهموم مصرية‏(3)‏ قضــايـا الإعــلام والنشــر

http://ait.ahram.org.eg/Index.asp?DID=9000&CurFN=maka0.HTM

أغلب الأحاديث التي دارت بمصر مؤخرا حول أوضاع الصحافة والإعلام والنشر‏,‏ انصبت في غالبيتها الساحقة علي الأبعاد الأخلاقية وميثاق الشرف الصحفي وحدود النقد‏,‏ و الأبعاد القانونية كالحبس في قضايا النشر وحرية الصحافة والقيود المفروضة علي إصدار الصحف والأبعاد الاقتصادية والمالية للصحف‏,‏ بيد أن هذا الهم الوطني لم يحظ بـ القراءة المعلوماتية التي يستحقها‏,‏ والمفارقة أن هذه القراءة غابت علي الرغم من أن الصحيفة أو المجلة هي في التحليل الأخير قناة لتوصيل وجبة معلومات إلي الناس لكي يستخدموها في تكوين رأي أو اتخاذ موقف‏,‏ ومن هنا يصبح من الخطأ أن نناقش قضايا الصحافة والنشر ونهمل معاناة الصحافة من‏(‏ الشح المعلوماتي‏)‏ الذي يجعل ما تقدمه من معلومات دقيقة وكاملة وحديثة في توقيتها المناسب ضئيلا جدا أمام ما تضخه من معالجات قشرية وسطحية واستنتاجات وشائعات وتخمينات شخصية لعشرات من القضايا الوطنية فائقة الأهمية‏,‏ وهو وضع غير مقبول لأنه يفقد بعض الأطراف القدرة علي شن هجمات سليمة تحظي بالاحترام‏,‏ ويفقد أطرافا أخري القدرة علي الرد بدفاع إيجابي فعال‏.‏

إننا حينما ننظر بعين معلوماتية إلي الكثير مما يكتب أو ينشر حول القضايا الساخنة الجارية سنكتشف علي الفور شحا واضحا في المعلومات‏,‏ خذ مثلا ما ينشر حول المقابلات والمباحثات بين كبار المسئولين وضيوفهم‏,‏ وستجدها تتحدث عن بحث العلاقات الثنائية وتطابق وجهات النظر بين البلدين‏,‏ ولا أحد يعرف ما هي القضايا التي بحثت في العلاقات الثنائية هل هي تجارية أم صناعية أم سياسية‏,‏ وما الذي تم بحثه وما هي وجهات النظر التي تطابقت‏..‏ لا معلومة‏!!.‏

وفي صفقة عمر فندي تعرض المجتمع لحالة استقطاب حادة بين من شنوا الهجوم الصارخ علي الصفقة ومن دافعوا عنها باستماتة‏,‏ وبسبب غياب المعلومات الأولية والبيانات الصحيحة تقاتل الطرفان ولا يزالان دون أن يتمكن أي منهما من حسم موقف الرأي العام لصالحه‏,‏ فالمدافعون وأصحاب القضية بدوا كما لو أنهم لا يملكون معلومات حاسمة متكاملة عن الصفقة‏,‏ وهناك عشرات الأدلة علي ذلك لعل أبسطها وأكثرها وضوحا ما تكشف من معلومات فجأة عن أن نسبة من محلات عمر افندي مملوكة للأوقاف‏,‏ وأن هذا يشكل عائقا قانونيا وإجرائيا أمام الصفقة‏,‏ وظهر المدافعون عن الصفقة في موقف رد الفعل حال نشر هذه المعلومات علي الناس‏,‏ مما يدل علي أنهم فوجئوا بها‏,‏ أما المعترضون فلم يتمكنوا من توفير بيانات ومعلومات تقنع النيابة العامة بإيقافها أو بدحض موقف أنصار الصفقة‏,‏ وقد انعكس الفقر المعلوماتي حول الصفقة علي الصحافة‏,‏ فحرمت هي الأخري مما تستحقه من معلومات عنها‏,‏ وفي ظل هذا الحرمان تعرضت للاستقطاب من الفريقين‏,‏ وبدت غير قادرة علي قيادة الرأي العام صوب موقف محدد‏.‏

ولو عدنا بالذاكرة للوراء قليلا سنجد أن هناك العديد من القضايا المماثلة التي إذا ما قرأناها معلوماتيا سنصطدم بحالة فقر المعلومات التي تعيشها الصحافة‏,‏ ففي قضية المبيدات الزراعية لم تكن هناك آلية تكفل للصحافة الوصول إلي الوثائق الحقيقية المتعلقة بالقضية من داخل وزارة الزراعة وأجهزة الدولة الأخري‏,‏ فلم ينشر مثلا نص قرار إلغاء لجنة المبيدات ولا حيثيات صدوره لأنها ببساطة كانت معلومة محجوبة عن النشر‏,‏ ولم تتح للصحافة معرفة الأعداد الدقيقة والحقيقية للمبيدات التي دخلت البلاد بصورة مخالفة ومتي‏,‏ وأسماء من وقعوا علي أمر استيرادها‏,‏ ولم تظهر وثائق أو معلومات ترسم خريطة واضحة لمسار هذه المبيدات منذ لحظة خروجها من الموانيء وحتي رشها في الأرض‏,‏ ومن الذين تداولوها وما المحاصيل التي استخدمت فيها ومتي‏,‏ والمواقع الجغرافية التي وصلتها ونسب الاستخدام في كل منطقة وكم شخص تعامل معها‏,‏ ونسب بقاياها في التربة والمحاصيل والخضروات والفاكهة‏,‏ ولو كانت هناك آليات تضمن حق الصحافة في الحصول علي هذه المعلومات في التوقيت المناسب لاستطاعت الصحف أن تقوم بدورها في بداية الأزمة وليس بعد مرور حوالي ست سنوات علي ارتكاب هذا الخطأ‏.‏

ولم تكن قضية خطف واغتيال السفير المصري ببغداد أحسن حالا من قضية المبيدات‏,‏ وفي اعتقادي أن جزءا كبيرا من المأزق الذي واجهته وزارة الخارجية في علاقتها مع الرأي العام آنذاك كان يعود إلي أن الخارجية لم توفر منذ البداية معلومات كاملة للناس عن السفير ومهمته عند اتخاذ قرار بإيفاده إلي العراق‏,‏ فقد ذهب السفير للعراق والناس لا تعرف توقيت سفره ولا المستوي الذي يمثله ولم تتمكن الصحافة من الحصول علي هذه المعلومات وتنشرها علي الناس في موعدها‏,‏ ولذلك وقعت الخارجية في مرمي العديد من السهام الجارحة‏,‏ فغياب معلومة مستوي التمثيل جعل الجميع يرجع الاغتيال إلي رفع الخارجية لمستوي التمثيل إلي درجة السفير‏,‏ فاضطرت الخارجية للإفراج عن وثائق نشرتها صحيفة الأخبار بعد اغتياله بعدة أيام‏,‏ أكدت أنه ذهب رئيسا لبعثة وليس سفيرا‏,‏ وغياب المعلومة الخاصة بتوقيت وصوله لبغداد سلط علي رقبة الخارجية اتهاما آخر بأنها دفعت بالسفير إلي هناك بناء علي تعليمات من وزيرة الخارجية الأمريكية خلال زيارتها القصيرة للقاهرة في وقت سابق علي الاغتيال‏,‏ في حين أن الرجل كان يعمل ببغداد قبل مجيء السفيرة بأسابيع‏,‏ وهكذا دفعت الخارجية ـ ومصر كلها ـ ثمن عدم توافر المعلومات في توقيتها المناسب‏.‏

ولو دققنا النظر في الغالبية الساحقة من القضايا الملتهبة التي أثارت جدلا أو قادت بعض الزملاء للوقوف أمام المحاكم سنجد أن حالة شح المعلومات المتداولة مجتمعيا وصحفيا ضالعة في ذلك‏,‏ لأن شح المعلومات هيأ الظروف لشيوع الاستنتاجات والانطباعات والنميمة والمحتوي السماعي غير الموثق داخل الصحافة بما فيه من تجاوزات وتهور بدلا من المنطق المستند إلي معلومات ترسم حقائق الواقع بصدق وجرأة واحترام‏,‏ وأزعم أن مثل هذا المناخ افرز حالة من الضبابية وعدم الوضوح لا تفيد أحدا‏,‏ فهو من ناحية يحرم الصحافة من ممارسة النقد والهجوم علي الأوضاع الخاطئة بالطريقة الصحيحة الواجبة المحترمة‏,‏ ومن ناحية أخري يحرم من تعرض للنقد من أن يدافع عن نفسه بطريقة صحيحة‏,‏ بعبارة أخري يلحق الضرر بالطرفين فلا يكون الهجوم إيجابيا ولا الدفاع ناجعا‏.‏
وهنا قد يثور تساؤل‏:‏ ما سبب حالة الفقر المعلوماتي التي تعيشها الصحافة؟

هناك عشرات الأسباب التي يمكن أن نسوقها في هذا الصدد‏,‏ منها علي سبيل المثال أن لدينا إرثا بيروقراطيا وقانونيا رسخ بالمجتمع ثقافة مضادة لحرية تداول المعلومات‏,‏ ليس فقط صحفيا وإعلاميا ولكن حتي بين الإدارات المختلفة داخل الوزارة الواحدة وربما بين الأشخاص داخل الإدارة الواحدة‏,‏ فمثلا هناك المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم‏2915‏ لسنة‏1964‏ التي تنص علي أنه لا يجوز لأية وزارة أو هيئة أو جهة أو فرد أو أفراد بالحكومة والقطاع العام أو الخاص أن ينشر بأي وسيلة من وسائل النشر أو الإعلام أي مطبوعات أو نتائج أو بيانات أو معلومات إلا من واقع إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء‏,‏ والإحصاءات غير المقررة ضمن برامج الجهاز لا يجوز نشرها إلا بموافقة الجهاز‏,‏ وعلي الرغم من أن هذه المادة تعتبر شبه ميتة الآن إلا أنها واحدة من الأسباب التي لعبت خلال العقود الماضية دورا في ترسيخ الثقافة المضادة لحرية تداول المعلومات‏.‏

من هذه الأسباب أيضا أنه ليس لدينا حتي الآن تحديد واضح للمعلومات المسموح بنشرها والإطلاع عليها والمعلومات المطلوب الحفاظ علي سريتها‏,‏ والحاصل أنه باسم الدواعي الأمنية والمصلحة العامة تعتقل جميع المعلومات ويحرم الصحفيون ـ ومعهم الناس ـ من حقهم الأصيل في الحصول عليها‏.‏

يمكننا أن نضيف إلي ذلك أن القدر الأكبر من المعلومات المهمة والحيوية للصحافة لا يزال بأيدي فئة من الموظفين والمسئولين المنتشرين في شتي المؤسسات والهيئات العامة والخاصة‏,‏ يتعاملون مع المعلومات بمنطق الاعتقال‏,‏ لأنهم نشأوا ومارسوا حياتهم الوظيفية وفق قاعدة الحجب التلقائي للمعلومات في أكوام الورق والمستندات وأرتال الملفات‏,‏ ولم يسمعوا بعد بالتغييرات الهائلة في مجال الحريات السياسية وحقوق الإنسان عالميا ومحليا‏,‏ وإن سمعوا لا يتقبلون وإن تقبلوا فعلي مضض وبروح متربصة بالجديد وتواقة للقديم‏,‏ ولم يعد هناك مفر سوي التعامل معهم بقوة القانون‏.‏

لذلك فإنه عند مناقشة أوضاع الصحافة والإعلام يجب أن تكون نقطة البداية هي إقرار قانون متكامل يكفل للصحافة حق الحصول علي المعلومات وحرية تداولها‏,‏ وهذا المطلب لا يفيد الصحافة فقط بل الوطن ككل‏,‏ فالمواطن في حاجة دائمة لأن يحصل علي معلومات حديثة ودقيقة ومتواصلة عن حالة حقوقه القانونية والمالية والدستورية والسياسية والوظيفية والخدمية والعلاجية والتعليمية‏,‏ ومعلومات عن كيفية الحصول لهذه الحقوق ومعلومات عن كيفية استخدام وسائل ممارسته لها الحقوق والدفاع عنها‏,‏ وعن كيفية تعاطي الجهات التنفيذية والمسئولة بالدولة مع هذه الحقوق ومدي إهدارها أو صيانتها‏,‏ وهذا كله لا يتحقق بدون كفالة حق الصحافة في الحصول علي المعلومات وتوصيلها للمواطن‏,‏ وأن يحترم الجميع هذا الحق ويقبلون به كقيمة أصيلة من قيم الديمقراطية‏.‏

وخلاصة القراءة المعلوماتية لهذه القضية أنه إذا ظلت المعلومات معتقلة ومحجوبة فلن تكون هناك صحافة حرة مسئولة تمارس دورها برشد وفعالية‏,‏ وسيظل المجتمع بأسره عرضة من وقت لآخر لموجات من الاحتقان والاستقطاب الحاد صحفيا وإعلاميا‏.‏


جمال محمد غيطاس
ghietas@ahram0505.net

Tuesday, October 10, 2006

7 Habits of Highly Effective Services

 

1. Free      Use free (or low cost) services

2. Simple Easy to learn, no manuals required

3. Powerful Advanced features, but no code required

4. Hosted Avoid server & sys admin costs

5. Fresh Keep looking for better services

6. Flexible Make sure you can export your data

7. Happy Choose tools users like to use

 

Gary Swart, CEO

Wednesday, October 04, 2006

قراءات معلوماتية لهموم مصرية‏(2)‏ حـوادث القطـارات والعبـارات

 

في فيلم سينمائي ظهر منذ عدة سنوات‏,‏ قامت مجموعة إجرامية ـ وهي في مكانها علي الأرض ـ باختراق نظام معالجة وعرض المعلومات بإحدي الطائرات أثناء استعدادها للهبوط‏,‏ وتمكنوا من إدخال معلومة خاطئة عن ارتفاع الطائرة عن أرض المطار وأظهروها أمام الطيار‏,‏ مما جعله يخطئ في حساب ارتفاعه عن سطح الأرض‏,‏ فهبط بسرعة كبيرة لأسفل ليفاجأ بأرض المطار أمامه فاصطدم بها وانفجرت الطائرة‏,‏ وعلي الرغم من أن هذه المشاهد لم تستغرق سوي دقائق علي الشاشة فإنها قدمت تفاصيل معركة معلوماتية مكتملة الأركان‏,‏

جرت بين نظام إدارة وعرض المعلومات داخل الطائرة ونظام معلومات الاختراق والتضليل الذي استخدمه المهاجمون‏,‏ وحينما انهار نظام معلومات الطائرة أمام نظام معلومات الاختراق‏,‏ جري تمرير المعلومة الخاطئة للطيار في وقت قاتل فحدثت الكارثة‏,‏ وهكذا قدم الفيلم نموذجا مثاليا للقراءة‏(‏ المعلوماتية‏)‏ لكيفية وقوع كوارث رهيبة في عالم النقل والسفر‏,‏ والحقيقة أننا لو دققنا النظر‏(‏ معلوماتيا‏)‏ فيما جري من حوادث النقل الأخيرة بمصر سنكتشف أن الأمر لا يخرج عن جوهر الفكرة الأساسية التي ساقها سيناريو الفيلم‏,‏ فنحن في النهاية أمام كيانات مؤسسية تعيش حالة‏(‏ ضبابية معلوماتية‏)‏ يتولد عنها معارك‏(‏ معلوماتية‏)‏ لا تستطيع الانتصار فيها‏,‏ فتغرقها وتغرقنا جميعا في كوارث مؤلمة‏..‏ كيف؟

إذا كان الفيلم قد أظهر أن هناك مجموعة إجرامية تعمدت إفساد المعلومات أمام الطيار‏,‏ فإننا في حوادث عبارة سفاجا وقطارات قليوب لم نكن قطعا أمام إجرام متعمد‏,‏ ولكن أمام منظومات معلوماتية بلغت من الاهتراء والتدني حدا أفرز حالة من حالات‏(‏ الضبابية المعلوماتية‏)‏ التي خلفت نتائج لم تختلف جوهريا عما قدمه الفيلم‏,‏ ففي النهاية نحن أمام طائرة تنفجر وباخرة تغرق وقطارات يهشم بعضها البعض وتهرس ركابها‏.‏

بشيء من التفصيل أقول إنه في حالة العبارة السلام‏98‏ كان ثمن الساعات القليلة الفاصلة بين غرق العبارة فعليا ووصول معلومة الغرق لجهات الإغاثة هو الزج بأكثر من‏1000‏ شخص إلي قاع البحر ليلاقوا حتفهم‏,‏ وكان تأخر وصول هذه المعلومة في توقيتها المناسب للجهات المفترض أن تصل إليها هو أول دليل علي اهتراء منظومة المعلومات داخل أجهزة الموانئ وهيئة السلامة البحرية والشركة المسئولة وجهات الإنقاذ والإغاثة وبقية أجهزة وزارة النقل‏,‏ وهو ما تأكد في الساعات والأيام اللاحقة بشكل كان أقرب إلي اللطمة القوية علي وجه جهود التحول لمجتمع المعلومات التي لا يمل البعض من تكرارها ليل نهار‏.‏

ليقل لي أحد‏:‏ أين كانت المعلومات الدقيقة المتعلقة بالعبارة‏,‏ بدءا من المعلومات الأساسية عن حالتها الفنية منذ لحظة شرائها‏,‏ ثم وصولها للمياه الإقليمية المصرية ثم التفتيش عليها ومراجعتها والتصريح لها بالعمل؟ ومن حصل علي هذه المعلومات؟ وهل احتفظ بها لنفسه أم قام بتمريرها للجهة المعنية‏,‏ هل كانت هذه المعلومات دقيقة أم مضللة‏,‏ وحينما وصلت للجهات المسئولة ماذا فعلت بها هل قامت باعتقالها وتخزينها أم تجاهلتها أم تعاملت معها كما ينبغي؟

وحينما رقصت العبارة رقصة الموت وتأخرت عن موعد وصولها لسفاجا‏..‏ لماذا لم ترسل رسائل استغاثة تحمل معلومة الغرق في التوقيت المناسب؟ ولماذا لم تصل الي الجهات المعنية في موعدها؟ ثم كيف تصل معلومة الغرق لأحد مراكز الطوارئ البريطانية بأقصي شمال الكرة الأرضية ولا تصل للموانئ المصرية التي تقع علي بعد عشرات الأميال من موقع الغرق؟

أليس أمرا مؤسفا أننا في زمن الحديث ليل نهار عن مجتمع المعلومات ولا نزال غير قادرين علي نقل معلومة استغاثة من سفينة تغرق بـ‏1400‏ شخص لمسافة‏90‏ ميلا او أقل قليلا في توقيت مناسب؟ أليست فضيحة أن يقوم الميناء بالنداء علي السفينة حينما تأخرت عن موعد وصولها بعدة ساعات فلا ترد ثم لا يعتبر ذلك معلومة لها دلالة تستدعي التحرك؟‏.‏

إننا حينما ننظر للكيفية التي تمت بها إدارة المعلومات في هذه الكارثة منذ البداية للنهاية نجد أن دراما العبارة تقدم مشهدا معلوماتيا بالغ البؤس والفقر‏,‏ ففي البداية حينما توافرت بعض المعلومات حول العبارة لم نقم بترجمتها وتفعيلها في صورة قرارات علي الأرض ترحم الفقراء وتنقذ رءوس الأبرياء من الموت والأطفال من اليتم‏,‏ بل قمنا باعتقالها وحجبها عن العيون والتغاضي عنها‏,‏ فالواضح مما نشر عقب الحادث أنه كان لدي الهيئات المعنية معلومات غزيرة مؤكدة عن تهالك العبارة وتقادمها وسوء إمكاناتها وانتهاء عمرها الافتراضي وعدم كفاءة أجهزة السلامة عليها‏,‏ لكن ما حدث أن هذه المعلومات اعتقلت وحجبت وأهملت تحت وطأة زواج المال بالسلطة‏,‏ فقد نشرت إحدي الصحف معلومة تقول أن وزير النقل السابق احدث تغييرا في بعض اللوائح والقوانين بما يسمح لهذه العبارة وغيرها بالعمل‏,‏ وهذه المعلومة بالذات تؤكد أن المعلومات التي توافرت لدي الجهات المعنية جري توظيفها عمليا بشكل عكسي‏,‏ أي استخدمت المعلومة في لي ذراع اللوائح لتتلاءم مع حالة العبارة‏,‏ بدلا من استخدامها في إخراج العبارة من الخدمة‏.‏

وفي مرحلة الغرق لم تكن لدينا معلومات‏,‏ فالثابت أن الجميع لم تتوافر له معلومة في توقيت مناسب حول لحظة الغرق‏,‏ وأن معلومة الغرق لم تتوافر ويتنبه لها الجميع إليها إلا بعد مرور أكثر من ست ساعات‏,‏ وبعد الغرق وأثناء جهود الإنقاذ عشنا مرحلة المعلومات المضللة والمنقوصة والخاطئة بل والمدمرة‏,‏ فقد ظل آلاف البسطاء من أهالي ركاب العبارة ينتظرون بلهفة لساعات طويلة في ظل أجواء قاسية أي معلومة عن ذويهم تريح نفوسهم المكدودة المكتوية بنار الخوف علي الأب والابن والأخ والزوجة القادمين من الغربة‏,‏ ورأينا كيف كان الفشل في توفير المعلومات لهؤلاء فشلا ذريعا بأنياب لا تعرف الرحمة‏,‏ فبدلا من أن يتلقي الأهالي الملهوفون معلومات عن ذويهم‏,‏ تلقوا ضربات من هراوات الأمن علي رءوسهم لأنهم تجرأوا وصرخوا من الألم وتدافعوا عفويا مدفوعين بألمهم وجراحهم نحو بوابة الميناء‏.‏

وحينما تلقي قساة القلوب لوما وتقريعا علي ما فعلوه مع الأهالي‏,‏ قاموا بتقديم المعلومات بالقطارة علي طريقة‏(‏ سفاجا القاهرة رايح جاي‏),‏ فجزء كبير ممن كانوا ينتظرون معلومة عن ذويهم علي رصيف الميناء فوجئوا بمن يقذف في وجوههم بدم بارد بمعلومة تقول إن جثث ذويهم خرجت من الميناء وذهبت لمشرحة زينهم بالقاهرة وعليهم الذهاب لمتابعتها هناك‏,‏ فقطع المساكين المسافة من سفاجا للقاهرة ليفاجأ بعضهم بخطأ المعلومة وأن الجثمان الذي يبحث عنه لايزال في سفاجا‏.‏

إذا وضعنا ذلك كله أمام التعريف الذي سقناه الأسبوع الماضي لمفهوم‏(‏ القراءة المعلوماتية للأحداث‏)‏ سنجد أننا في هذه الحادثة أمام منظومة معلومات في وزارة النقل سمحت بأن يتم إنتاج البيانات الخاصة بحالة العبارة ثم اعتقالها في نطاق أضيق كثيرا من نطاق استخدامها‏,‏ ثم إعادة توليدها في صورة معلومات جري تضليلها ثم الدفع بها بعد تضليلها لكي يتم توظيفها وفقا لما فيها من تضليل‏,‏ وكانت النتيجة اتخاذ قرار بإبحار العبارة رغم ما فيها من عيوب فنية‏,‏ وفي ساعات الغرق عجزت هذه المنظومة عن توفير ممر آمن وسريع وفعال ينقل معلومة الغرق للجهات المعنية‏.‏

والصورة ليست مختلفة كثيرا حينما ننظر إلي حوادث القطارات نظرة‏(‏ معلوماتية‏),‏ فالحوادث وقعت نتيجة‏(‏ لخبطة قرارات‏)‏ في لحظات قاتلة من جانب السائقين وعمال البلوكات والتحويلات جميعها ناشئ عن‏(‏ ضبابية المعلومات‏)‏ المتاحة لديهم سواء كانت الضبابية ناشئة عن النقص أو الخطأ وعدم الدقة من مصدر توليد المعلومة الذي هو في هذه الحالة نظام الإشارات أو الاتصالات أو المراقبة والتحكم في القطارات‏,‏ أو ناشئة عن عدم الدراية الكافية بتحويل المعلومة إلي قرار نتيجة نقص التدريب والتأهيل لدي السائق أو عامل التحويلة‏.‏

ومثل هذه الصور الطافية علي السطح تقف هي الأخري علي رأس منظومة معلومات مهترئة داخل السكك الحديدية‏,‏ يفترض أنها مسئولة عن إدارة المعلومات الخاصة بالتوصيف الكامل لحالة القضبان والجرارات والإشارات ونظم التشغيل والصيانة ومستوي التدريب لدي العمال وأعداد الركاب وتفضيلاتهم والتجمعات السكانية التي تخدمها السكك الحديدية والكباري والطرق المتقاطعة مع السكك الحديدية وغيرها‏,‏ والواضح أن هذه المنظومة غير مهيأة للتعامل مع هذا الفيض من المعلومات التي لابد وأن يكون بعضها ثابتا لا يتغير وبعضها متغيرا ويحتاج تحديثا طوال الوقت‏,‏ وهذا يعني ان المكون المعلوماتي بهيئة السكك الحديدية الذي يعتبر‏(‏ الجهاز العصبي‏)‏ لعمليات التشغيل يشكل حاليا نقطة ضعف خطيرة تؤثر علي أداء الهيئة ككل‏,‏ ومن ثم فإن هذا المكون يتطلب خططا استهدافية متخصصة ومستقلة لتطويره ليضمن إدارة المعلومات داخل هذا المرفق بشكل كفء طوال الوقت‏,‏ ويضمن ايضا مراقبة كفاءة النظام الإداري ونظام التدريب وقواعد نزاهة وشفافية المعلومات وضوابط تدقيقها وأمانة نقلها وتصحيح مسارات توظيفها وعقوبات عدم تفعليها وتوظيفها علي النحو الأمثل‏.‏

هكذا تقودنا القراءة المعلوماتية لحوادث العبارات والقطارات إلي القول بأن منظومات المعلومات الحالية بوزارة النقل هي منظومات بيروقراطية عتيقة لا تكترث بالمعلومات ولو اكترثت لا تدقق ولو دققت تعتقل وتحجب ولا تتيح‏,‏ ولو أتاحت لا توفر البيئة المناسبة للتوظيف والاستفادة‏,‏ وإذا ما استمرت هذه المنظومات بحالتها الحالية فسنظل نواجه الموت السريع إما غرقا في سفينة خردة أو حرقا في قطار متهالك أو هرسا علي الإسفلت فوق طريق تسكنه العشوائية‏,‏ ليظل المواطن المصري إلي ما لا نهاية ضحية لضبابية المعلومات بوزارة النقل وأجهزتها‏.‏


جمال محمد غيطاس
ghietas@ahram0505.net

Monday, October 02, 2006

Google's Tesseract OCR engine is a quantum leap forward

The open source optical character recognition (OCR) landscape got dramatically better recently when Google released the Tesseract OCR engine as open source software.

The Tesseract code was written at Hewlett-Packard in the 1980s and '90s. In 1995, it was one of the top-tier performers at UNLV's OCR competition, but when HP withdrew from the OCR software marketplace, the code languished. Then in 2005, HP handed off the code to UNLV's Information Science Research Institute (ISRI), an academic center doing ongoing research into OCR and related topics. ISRI discovered that original Tesseract developer Ray Smith was now an employee at Google, and asked the search engine giant if it was interested in the code. Google spent a few months updating the code to compile on modern operating systems, and released it on SourceForge.net.

You can download the latest tarball, a bugfix release numbered 1.0.1, from the Tesseract OCR project page. The only compilation instructions are those listed on the release notes section of the SourceForge.net download page. Instructions are listed for Windows, Mac OS X, and Linux, all for the same source code. Compilation under Linux is straightforward -- run ./configure followed by make -- but there is no make install step. In fact, you must move the resulting tesseract binary into its parent directory, where it expects to find a support directory called tessdata. Make sure the directory is writable, because Tesseract generates temporary files there while processing an image.

more...

--
. . h.o.s.a.m.r.e.d  . .
Unleashed Innovation
--
http://hosamred.blogspot.com