http://ait.ahram.org.eg/Index.asp?DID=8972&CurFN=maka0.HTM
يتحقق النجاح والتميز بمجرد أن تحدد لنفسك رؤية واضحة وأهدافا طموحة وخططا وبرامج تفصيلية محكمة, لأن ذلك كله يحتاج إلي براعة وإبداع في التنفيذ علي الأرض, وحينما ننظر من هذه الزاوية إلي تجربة شركة رولاند اليابانية المتخصصة في إنتاج الطابعات الرقمية نجد أمامنا نموذجا للبراعة في تحويل الرؤية إلي واقع عملي, فالشركة حددت فلسفتها ـ كما سبق القول ـ في( كن مبدعا تكن الأفضل, وحددت رؤيتها في الحلم والتمني وتحويل الأحلام إلي حقيقة), وحددت مهمتها في الوصول إلي أكثر الحلول والتكنولوجيات إبداعا في الطباعة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات, وعند التنفيذ العملي أبدعت وابتكرت الكثير من الآليات كان في مقدمتها تكنولوجيا جديدة أطلقت عليها ياتاي, وهي تكنولوجيا تعتبر ثورة في المفاهيم التي تقوم عليها فلسفة العمل بخطوط التجميع والإنتاج داخل المصانع.. فما هي تكنولوجيا ياتاي؟
ياتاي كلمة يابانية تطلق علي عمال المطاعم الذين يعدون نوعا من أطباق المكرونة, ويقوم كل عامل بإعداد الطبق من الألف إلي الياء بمفرده, بدءا من التعامل مع الدقيق وحتي تقديم الوجبة للزبون جاهزة للأكل, وعادة لا يتم تقييم كفاءة عامل الياتاي بسرعته في الإعداد أو بعدد الأطباق التي يتعين عليه إعدادها كل يوم, ولكن ببراعته في جعل الطبق( مميزا وشهيا), وعند دراسة هذه النوعية من العمال نفسيا وسلوكيا وجد أن تميز العامل ينبع بالأساس من إحساسه بأنه مسئول عن تكوين شيء بكامله, وبأنه يري إبداعه قائما أمامه فيشعر بأنه أنجز شيئا له قيمة, وبأن هذا الإبداع الذي يستمتع به الآخرون هو امتداد له ولملكاته وقدراته, تماما مثل الفنان الذي يبدع لوحاته بمفرده ويشعر أن لوحاته كأبنائه وبناته, وهذه العلاقة النفسية الحميمة الخاصة بين عامل الياتاي والطبق الذي يعده تعطيه دائما حافزا مستمرا لأن يبدع ويحقق المزيد من التجويد والتميز وهو في كامل الرضا, وهذه العلاقة الحميمة تختلف في حالة الوجبات التي يشارك في إعدادها أكثر من فرد, بل وتخفت تدريجيا مع زيادة العدد حتي تختفي تماما في الوجبات السريعة النمطية التي يشارك فيها عشرات الافراد في خطوات متتالية.
وحينما وضعت رولاند رؤيتها وأهدافها السابقة لاحظ هيديوكي كاكوشي مدير التشغيل أن التميز والإبداع الذي تسعي إليه الشركة لا يمكن أن يتحقق, بينما الشركة تعتمد في عملها علي طريقة الإنتاج التي تفرض أن يكون العامل مسئولا عن جزء أو أجزاء صغيرة جدا من تصنيع أو تجميع الطابعة, لأن هذا الأسلوب يزرع في العامل إحساسا بأنه مجرد ترس صغير في آلة إنتاج ضخمة, ويجعله لا يري نتيجة مكتملة واضحة لما يفعله لأن كل ما يفعله ضائع وسط ما يفعله الآخرون.
هنا التقط كاكوشي فكرة عامل الياتاي ووجد فيها نقطة بداية تناسب طريقة الشركة في التفكير القائمة علي( كن مبدعا تكن الأفضل), فبدأ كاكوشي مع فريق الباحثين بالشركة العمل علي تحويل طريقة الياتاي إلي فلسفة ونظام للعمل بالمصنع, فاتخذوا قرارهم بالتخلي عن خطوط الإنتاج القائمة علي الخطوات المتتالية التي يسند كل منها إلي عامل يقوم فيها بتركيب قطعة صغيرة في الطابعة أو تصنيع مكون بعينه, وصمموا أسلوبا جديدا أطلقوا عليه الخلية الإنتاجية, والخلية الإنتاجية يقصد بها مساحة مربعة من أرض عنبر الإنتاج يقف فيها العامل أو العاملة, ويعمل في تجميع الطابعة من لاشيء وحتي خروجها بحالة جاهزة للزبون, تماما مثلما يفعل( الياتاي) مع طبق المكرونة.
كان التحدي الأكبر أمام إلغاء مفهوم خطوط الإنتاج والانتقال لمفهوم( الخلايا الإنتاجية), هو إيجاد نظام يستطيع أن يزود الخلية بالأدوات والمعدات والمكونات اللازمة لبناء المنتج من الألف إلي الياء, ويضمن خروجه بالجودة والكفاءة المطلوبة, وهنا انهمكت منظومة البحث العلمي بالشركة في بناء هذا النظام وبعد سنوات من العمل والتجارب خرج النظام الجديد إلي الوجود حاملا اسم( نظام ياتاي الرقمي), ويمكننا تصور هذا النظام كبناء هرمي قاعدته وحدات متشابهة موزعة علي الخلايا الإنتاجية بالمصنع وقمته نظام مركزي للتحكم والسيطرة والمتابعة علي مستوي المصنع, وتضم الوحدات الموزعة علي الخلايا ما يلي:
أولا: برج دائري من الأدراج يقل ارتفاعه قليلا عن المتر ويتكون من مجموعة أدوار أو صفوف, كل صف به عدة أدراج يتراوح عددها بين4 و6 لكل منها رقم, ويوضع به مكون من المكونات الدقيقة المستخدمة في بناء الطابعة كالشرائح الإلكترونية والقطع البلاستيكية والمسامير... ألخ, والبرج ككل موضوع داخل أسطوانة بلاستيكية شفافة بها جزء مفتوح يقع في الناحية المواجهة للعامل, ويتحرك البرج بأدراجه داخل الأسطوانة الثابتة في مكانها حركات دائرية محسوبة, بحيث تظهر أمام الفتحة الأدراج التي يحل الدور عليها للظهور أمام العامل ليلتقط منها الأجزاء المطلوبة للإنتاج, وجميع الأدراج والصفوف مزودة بمستشعرات إلكترونية, علاوة علي أن البرج بالكامل مجهز للعمل عبر شبكة معلومات ويتحرك تلقائيا وفق أوامر وبرامج التشغيل.
ثانيا: حاسب شخصي وشاشة مسطحة عالية الوضوح مثبتة علي حامل محرك في مكان يسهل علي العامل رؤيته وتعديل وضعه, والحاسب الموجود بالوحدة محمل عليه نظام معلومات ـ حزمة برمجيات ـ طوره باحثو الشركة لإدارة عملية الإنتاج بالخلية خطوة خطوة, فيبدأ بالتعرف علي العامل وبياناته الشخصية من خلال اسم المستخدم وكلمة المرور الممنوحة له من قبل إدارة المصنع, ثم يظهر تعليمات التشغيل ويتابع خطوات العامل التنفيذية وينبهه إلي أي خطأ يقوم به وكيفية إصلاحه والرجوع عنه, كما يراقب النظام حالة كل درج من أدراج البرج ويعطي أوامر للبرج كي يتحرك حركات محسوبة بدقة طبقا لأوامر التشغيل وطبيعة المنتج الجاري تجميعه, بحيث يضع أمام العامل فقط الأدراج المطلوب أن يلتقط منها المكون أو الجزء الذي حل عليه الدور في التركيب بينما باقي الأدراج تكون خارج فتحة الالتقاط.
ثالثا: مجموعة أدوات للفك والتركيب والتجميع ـ كالمفكات والمفاتيح.. إلخ ـ جميعها مزودة بشرائح ومستشعرات ومربوطة لاسلكيا بنظام معلومات التحكم والسيطرة بالوحدة, وكذلك قادرة علي التعرف علي جميع المكونات المستخدمة في بناء الطابعة ـ من المسمار إلي أكبر جزء ـ بحيث تنقل لنظام التحكم بالوحدة متي وأين وكيف تم وضع المكون أو الجزء داخل الطباعة, فيقوم النظام بمراجعة أوامر وتعليمات التشغيل, ويعطي للعامل إشارة بأن الخطوة تمت بشكل سليم أم فيها خطأ يتعين تلافيه, ويصل الأمر إلي حد مراقبة ومتابعة تركيب كل مسمار علي حدة.
رابعا: أماكن مخصصة لاستقبال مكونات الطابعة المختلفة كالأجزاء المعدنية ونظام التحبير وخلافه, والوحدة بمكوناتها الأربع والخلية الإنتاجية ككل مربوطة بشبكة معلومات المصنع التي تتيح لقسم المتابعة والتحكم أن يراقب ويتابع التفاصيل الكاملة لما يجري بكل خلية إنتاجية علي حدة, حتي توقيتات وطريقة ربط المسامير داخل الطابعات.
وبفضل هذا النظام أصبح كل عامل بالمصنع مسئولا عن تجميع وتصنيع منتج كامل من الألف للياء حتي بالنسبة للطابعات الضخمة التي يصل عدد القطع والمكونات المستخدمة فيها إلي3000 قطعة وتستغرق20 ساعة في التجميع, فكلها يتم تجميعها وإنتاجها بواسطة عاملة واحدة, وهكذا تحقق عمليا منهج( الياتاي) وأصبحت الطابعة مثل طبق المكرونة كلاهما يصنعه عامل واحد من الألف إلي الياء.
وخلال وجودي بمقر الشركة بمدينة همماتسو اليابانية نظمت الشركة جولة لفريق الصحفيين العالمي داخل المصنع, وكان مسئولو الشركة فخورين للغاية وهم يعرضون هذا النظام الفريد من نوعه عالميا علي الصحفيين لأول مرة, وفي المصنع بدا عنبر الإنتاج مختلفا كلية عما يمكن توقعه داخل خطوط الإنتاج المتعارف عليها, فالخلايا الإنتاجية تحتل مساحات أقرب إلي المربعات داخل العنبر وتتراوح المساحة حسب المنتج الجاري بناؤه وتصنيعه, وكل عاملة منهمكة في عملية التصنيع بشكل مستقل عما حولها وتتابع عملها, بينما شاشة الحاسب تراقب وتعدل وتعطي الضوء الأخضر للانتقال للخطوة التالية, والبعض لا يزال يبدأ والبعض الآخر علي وشك الانتهاء فيما فريق ثالث في منتصف عملية البناء.
وخلال الجولة أكد مسئولو الشركة أن العامل داخل المصنع غير مطالب بتوقيت محدد لإنهاء المنتج ولكنه يقوم بتجميع وإعداد المنتج بالكامل عبر قدرته وحالته البدنية, ويتم التقييم بواسطة نظام المعلومات الذي يراقب ويقيس ويعتمد علي التركيز والانتباه والتذكر لدي العامل ويعمل علي تلافي نقاط الضعف الإنسانية لديه, ويدعم نقاط القوة, ولا يوجد مفتشون أو مراقبون للجودة يتابعونه ويلاحقونه, بل يقوم هو بنفسه بهذه المهمة استنادا إلي نظام التفتيش الرقمي عالي المستوي والدقة الموجود داخل نظام معلومات التحكم, وتقر إدارة رولاند بأن هناك فروقا طبيعية بين العاملين, ولذلك تقبل بفكرة الحوافز والحماس الموجودة لدي العامل, حتي لو كانت الإنتاجية تتحسن شهرا بعد آخر, وتؤكد أنه إذا كان المناخ في المصنع ممتعا والعامل يشعر بالرضا فإنه سيقدم أفضل ما لديه, لذلك تعمل وفق قاعدة رضا العميل من رضا العامل), أي أن المنتجات التي يمكن أن ترضي الزبائن هي المنتجات التي يتم إنتاجها في مصنع يتمتع فيه العمال بالرضا, وهكذا خرج نظام ياتاي الرقمي للوجود معلنا عن ثورة جديدة في أساليب الإنتاج والتصنيع, ثورة قوامها قدرات الحاسب وإنسانية العامل.
يتحقق النجاح والتميز بمجرد أن تحدد لنفسك رؤية واضحة وأهدافا طموحة وخططا وبرامج تفصيلية محكمة, لأن ذلك كله يحتاج إلي براعة وإبداع في التنفيذ علي الأرض, وحينما ننظر من هذه الزاوية إلي تجربة شركة رولاند اليابانية المتخصصة في إنتاج الطابعات الرقمية نجد أمامنا نموذجا للبراعة في تحويل الرؤية إلي واقع عملي, فالشركة حددت فلسفتها ـ كما سبق القول ـ في( كن مبدعا تكن الأفضل, وحددت رؤيتها في الحلم والتمني وتحويل الأحلام إلي حقيقة), وحددت مهمتها في الوصول إلي أكثر الحلول والتكنولوجيات إبداعا في الطباعة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات, وعند التنفيذ العملي أبدعت وابتكرت الكثير من الآليات كان في مقدمتها تكنولوجيا جديدة أطلقت عليها ياتاي, وهي تكنولوجيا تعتبر ثورة في المفاهيم التي تقوم عليها فلسفة العمل بخطوط التجميع والإنتاج داخل المصانع.. فما هي تكنولوجيا ياتاي؟
ياتاي كلمة يابانية تطلق علي عمال المطاعم الذين يعدون نوعا من أطباق المكرونة, ويقوم كل عامل بإعداد الطبق من الألف إلي الياء بمفرده, بدءا من التعامل مع الدقيق وحتي تقديم الوجبة للزبون جاهزة للأكل, وعادة لا يتم تقييم كفاءة عامل الياتاي بسرعته في الإعداد أو بعدد الأطباق التي يتعين عليه إعدادها كل يوم, ولكن ببراعته في جعل الطبق( مميزا وشهيا), وعند دراسة هذه النوعية من العمال نفسيا وسلوكيا وجد أن تميز العامل ينبع بالأساس من إحساسه بأنه مسئول عن تكوين شيء بكامله, وبأنه يري إبداعه قائما أمامه فيشعر بأنه أنجز شيئا له قيمة, وبأن هذا الإبداع الذي يستمتع به الآخرون هو امتداد له ولملكاته وقدراته, تماما مثل الفنان الذي يبدع لوحاته بمفرده ويشعر أن لوحاته كأبنائه وبناته, وهذه العلاقة النفسية الحميمة الخاصة بين عامل الياتاي والطبق الذي يعده تعطيه دائما حافزا مستمرا لأن يبدع ويحقق المزيد من التجويد والتميز وهو في كامل الرضا, وهذه العلاقة الحميمة تختلف في حالة الوجبات التي يشارك في إعدادها أكثر من فرد, بل وتخفت تدريجيا مع زيادة العدد حتي تختفي تماما في الوجبات السريعة النمطية التي يشارك فيها عشرات الافراد في خطوات متتالية.
وحينما وضعت رولاند رؤيتها وأهدافها السابقة لاحظ هيديوكي كاكوشي مدير التشغيل أن التميز والإبداع الذي تسعي إليه الشركة لا يمكن أن يتحقق, بينما الشركة تعتمد في عملها علي طريقة الإنتاج التي تفرض أن يكون العامل مسئولا عن جزء أو أجزاء صغيرة جدا من تصنيع أو تجميع الطابعة, لأن هذا الأسلوب يزرع في العامل إحساسا بأنه مجرد ترس صغير في آلة إنتاج ضخمة, ويجعله لا يري نتيجة مكتملة واضحة لما يفعله لأن كل ما يفعله ضائع وسط ما يفعله الآخرون.
هنا التقط كاكوشي فكرة عامل الياتاي ووجد فيها نقطة بداية تناسب طريقة الشركة في التفكير القائمة علي( كن مبدعا تكن الأفضل), فبدأ كاكوشي مع فريق الباحثين بالشركة العمل علي تحويل طريقة الياتاي إلي فلسفة ونظام للعمل بالمصنع, فاتخذوا قرارهم بالتخلي عن خطوط الإنتاج القائمة علي الخطوات المتتالية التي يسند كل منها إلي عامل يقوم فيها بتركيب قطعة صغيرة في الطابعة أو تصنيع مكون بعينه, وصمموا أسلوبا جديدا أطلقوا عليه الخلية الإنتاجية, والخلية الإنتاجية يقصد بها مساحة مربعة من أرض عنبر الإنتاج يقف فيها العامل أو العاملة, ويعمل في تجميع الطابعة من لاشيء وحتي خروجها بحالة جاهزة للزبون, تماما مثلما يفعل( الياتاي) مع طبق المكرونة.
كان التحدي الأكبر أمام إلغاء مفهوم خطوط الإنتاج والانتقال لمفهوم( الخلايا الإنتاجية), هو إيجاد نظام يستطيع أن يزود الخلية بالأدوات والمعدات والمكونات اللازمة لبناء المنتج من الألف إلي الياء, ويضمن خروجه بالجودة والكفاءة المطلوبة, وهنا انهمكت منظومة البحث العلمي بالشركة في بناء هذا النظام وبعد سنوات من العمل والتجارب خرج النظام الجديد إلي الوجود حاملا اسم( نظام ياتاي الرقمي), ويمكننا تصور هذا النظام كبناء هرمي قاعدته وحدات متشابهة موزعة علي الخلايا الإنتاجية بالمصنع وقمته نظام مركزي للتحكم والسيطرة والمتابعة علي مستوي المصنع, وتضم الوحدات الموزعة علي الخلايا ما يلي:
أولا: برج دائري من الأدراج يقل ارتفاعه قليلا عن المتر ويتكون من مجموعة أدوار أو صفوف, كل صف به عدة أدراج يتراوح عددها بين4 و6 لكل منها رقم, ويوضع به مكون من المكونات الدقيقة المستخدمة في بناء الطابعة كالشرائح الإلكترونية والقطع البلاستيكية والمسامير... ألخ, والبرج ككل موضوع داخل أسطوانة بلاستيكية شفافة بها جزء مفتوح يقع في الناحية المواجهة للعامل, ويتحرك البرج بأدراجه داخل الأسطوانة الثابتة في مكانها حركات دائرية محسوبة, بحيث تظهر أمام الفتحة الأدراج التي يحل الدور عليها للظهور أمام العامل ليلتقط منها الأجزاء المطلوبة للإنتاج, وجميع الأدراج والصفوف مزودة بمستشعرات إلكترونية, علاوة علي أن البرج بالكامل مجهز للعمل عبر شبكة معلومات ويتحرك تلقائيا وفق أوامر وبرامج التشغيل.
ثانيا: حاسب شخصي وشاشة مسطحة عالية الوضوح مثبتة علي حامل محرك في مكان يسهل علي العامل رؤيته وتعديل وضعه, والحاسب الموجود بالوحدة محمل عليه نظام معلومات ـ حزمة برمجيات ـ طوره باحثو الشركة لإدارة عملية الإنتاج بالخلية خطوة خطوة, فيبدأ بالتعرف علي العامل وبياناته الشخصية من خلال اسم المستخدم وكلمة المرور الممنوحة له من قبل إدارة المصنع, ثم يظهر تعليمات التشغيل ويتابع خطوات العامل التنفيذية وينبهه إلي أي خطأ يقوم به وكيفية إصلاحه والرجوع عنه, كما يراقب النظام حالة كل درج من أدراج البرج ويعطي أوامر للبرج كي يتحرك حركات محسوبة بدقة طبقا لأوامر التشغيل وطبيعة المنتج الجاري تجميعه, بحيث يضع أمام العامل فقط الأدراج المطلوب أن يلتقط منها المكون أو الجزء الذي حل عليه الدور في التركيب بينما باقي الأدراج تكون خارج فتحة الالتقاط.
ثالثا: مجموعة أدوات للفك والتركيب والتجميع ـ كالمفكات والمفاتيح.. إلخ ـ جميعها مزودة بشرائح ومستشعرات ومربوطة لاسلكيا بنظام معلومات التحكم والسيطرة بالوحدة, وكذلك قادرة علي التعرف علي جميع المكونات المستخدمة في بناء الطابعة ـ من المسمار إلي أكبر جزء ـ بحيث تنقل لنظام التحكم بالوحدة متي وأين وكيف تم وضع المكون أو الجزء داخل الطباعة, فيقوم النظام بمراجعة أوامر وتعليمات التشغيل, ويعطي للعامل إشارة بأن الخطوة تمت بشكل سليم أم فيها خطأ يتعين تلافيه, ويصل الأمر إلي حد مراقبة ومتابعة تركيب كل مسمار علي حدة.
رابعا: أماكن مخصصة لاستقبال مكونات الطابعة المختلفة كالأجزاء المعدنية ونظام التحبير وخلافه, والوحدة بمكوناتها الأربع والخلية الإنتاجية ككل مربوطة بشبكة معلومات المصنع التي تتيح لقسم المتابعة والتحكم أن يراقب ويتابع التفاصيل الكاملة لما يجري بكل خلية إنتاجية علي حدة, حتي توقيتات وطريقة ربط المسامير داخل الطابعات.
وبفضل هذا النظام أصبح كل عامل بالمصنع مسئولا عن تجميع وتصنيع منتج كامل من الألف للياء حتي بالنسبة للطابعات الضخمة التي يصل عدد القطع والمكونات المستخدمة فيها إلي3000 قطعة وتستغرق20 ساعة في التجميع, فكلها يتم تجميعها وإنتاجها بواسطة عاملة واحدة, وهكذا تحقق عمليا منهج( الياتاي) وأصبحت الطابعة مثل طبق المكرونة كلاهما يصنعه عامل واحد من الألف إلي الياء.
وخلال وجودي بمقر الشركة بمدينة همماتسو اليابانية نظمت الشركة جولة لفريق الصحفيين العالمي داخل المصنع, وكان مسئولو الشركة فخورين للغاية وهم يعرضون هذا النظام الفريد من نوعه عالميا علي الصحفيين لأول مرة, وفي المصنع بدا عنبر الإنتاج مختلفا كلية عما يمكن توقعه داخل خطوط الإنتاج المتعارف عليها, فالخلايا الإنتاجية تحتل مساحات أقرب إلي المربعات داخل العنبر وتتراوح المساحة حسب المنتج الجاري بناؤه وتصنيعه, وكل عاملة منهمكة في عملية التصنيع بشكل مستقل عما حولها وتتابع عملها, بينما شاشة الحاسب تراقب وتعدل وتعطي الضوء الأخضر للانتقال للخطوة التالية, والبعض لا يزال يبدأ والبعض الآخر علي وشك الانتهاء فيما فريق ثالث في منتصف عملية البناء.
وخلال الجولة أكد مسئولو الشركة أن العامل داخل المصنع غير مطالب بتوقيت محدد لإنهاء المنتج ولكنه يقوم بتجميع وإعداد المنتج بالكامل عبر قدرته وحالته البدنية, ويتم التقييم بواسطة نظام المعلومات الذي يراقب ويقيس ويعتمد علي التركيز والانتباه والتذكر لدي العامل ويعمل علي تلافي نقاط الضعف الإنسانية لديه, ويدعم نقاط القوة, ولا يوجد مفتشون أو مراقبون للجودة يتابعونه ويلاحقونه, بل يقوم هو بنفسه بهذه المهمة استنادا إلي نظام التفتيش الرقمي عالي المستوي والدقة الموجود داخل نظام معلومات التحكم, وتقر إدارة رولاند بأن هناك فروقا طبيعية بين العاملين, ولذلك تقبل بفكرة الحوافز والحماس الموجودة لدي العامل, حتي لو كانت الإنتاجية تتحسن شهرا بعد آخر, وتؤكد أنه إذا كان المناخ في المصنع ممتعا والعامل يشعر بالرضا فإنه سيقدم أفضل ما لديه, لذلك تعمل وفق قاعدة رضا العميل من رضا العامل), أي أن المنتجات التي يمكن أن ترضي الزبائن هي المنتجات التي يتم إنتاجها في مصنع يتمتع فيه العمال بالرضا, وهكذا خرج نظام ياتاي الرقمي للوجود معلنا عن ثورة جديدة في أساليب الإنتاج والتصنيع, ثورة قوامها قدرات الحاسب وإنسانية العامل.
ghietas@ahram0505.net
No comments:
Post a Comment