Saturday, May 16, 2009

نقاط القوه والضعف بين مصر ومنافسيها في تكنولوجيا المعلومات

طالعت الاسبوع الماضي بعض تفاصيل التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات الذي يصدره منتدي دافوس الاقتصادي في نهايه مارس من كل عام‏,‏ وبدا من مكانه وترتيب مصر داخل الموشر العام للتقرير ان مصر حسنت اوضاعها وغادرت منطقه القاع التي تضم دولا تتسم اوضاعها بالركود وبطء الحركه والخمود شبه التام‏,‏ لكنها لم تصل بعد الي منطقه القمه الناضجه المستقره التي تضم مجموعه الدول الاعلي تقدما ورسوخا في التحول الي مجتمع المعلومات‏,‏ وهي الان تقف ضمن مجموعه الدول المتنافسه المتقاربه المستوي التي تتقافز لاعلي واسفل داخل موشر التقرير باستمرار‏,‏ فتسجل لنفسها مكاسب كبري في سنه ما وتحتل مراتب افضل‏

ثم تخفق او تحقق خسائر واضحه وتتراجع في ترتيبها الي الوراء في سنه تاليه‏,‏ وقد يكون القفز لاعلي او الهبوط لاسفل بسبب فقد او جني كسور من النقاط هنا او هناك‏,‏ واعتقادي ان وجود مصر في هذه المنطقه عده سنوات متتاليه يدفعنا الي تغيير طريقه قراءتنا لهذا التقرير او غيره من التقارير المشابهه‏,‏ لان الاهم لم يعد المرتبه التي تحققها مصر في الترتيب العام‏,‏ ولكن الاهم الان ان نتعرف علي نقاط الضعف والقوه بيننا وبين الاخرين الذين ينافسوننا او يخاصموننا او يصارعوننا علي المستقبل‏,‏ ولا يهم ان كانوا بجوارنا في المنطقه الوسط ذات الحساسيه الاعلي للتغيير‏,‏ او في المنطقه الراكده بالقاع او المنطقه الناضجه علي القمه‏.‏

اشير في البدايه الي ان هذا التقرير من اعداد منتدي دافوس الاقتصادي بالتعاون مع موسسه انسيد الرائده في مجال الاعمال علي المستوي الدولي‏,‏ وينشر تحت اسم تقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي‏,‏ ويعتبر موشر الاستعداد الشبكي العمود الفقري للتقرير‏,‏ ويستخدم في بناوه حوالي‏64‏ موشرا فرعيا‏,‏ تقيس مدي ما لدي البلدان المختلفه من اراده وانجاز حقيقي علي الارض في تفعيل وتوظيف الفرص التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لخدمه عمليات التنميه وزياده التنافسيه‏,‏ كما يختبر الموشر مدي استعداد الدول لاستخدام تكنولوجيا المعلومات بفعاليه علي ثلاثه محاور الاول هو الاعمال العامه والثاني هو البيئه التنظيميه والثالث هو البنيه الاساسيه‏,‏ ولذلك يعتبر التقرير من اهم موشرات التقييم التي تحظي بالاحترام في مجال قياس مستوي نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالمجتمعات المختلفه وتاثيرها علي عمليه التنميه والقدرات التنافسيه لمختلف الدول‏.‏

وحينما نتحدث عن المنافسين والخصوم لابد ان نعي ان هناك منافسه وخصومه تدور رحاها ضمن الصراع الحضاري والوجودي الذي فرض علي مصر ان تخوضه بحكم دورها ومكانتها وقدراتها وتاريخها ومسئولياتها الوطنيه والقوميه والدينيه‏,‏ ومنافسه وخصومه تدور رحاها ضمن الصراع الاقتصادي الذي تفرضه متطلبات خطط التنميه وطموحات مصر في تشغيل العماله وجذب الاستثمار وتعظيم العائدات من وراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات‏,‏ سواء باعتبارها صناعه قائمه بذاتها او باعتبارها اداه تساعد في التنميه الشامله‏,‏ اضافه لاوضاع سوق تكنولوجيا المعلومات حول العالم‏.‏

وعند النظر للموقف من منظور الصراع الحضاري والوجودي سنجد ان هناك طرفا واحدا يتعين ان يكون هو الاول علي الاطلاق الذي نقارن اوضاعنا باوضاعه لمعرفه ما بيننا وبينه من نقاط قوه وضعف‏,‏ وهذا الطرف هو الكيان الصهيوني او اسرائيل‏,‏ لانه الخصم والمنافس ومصدر التهديد رقم واحد لمصر علميا وتكنولوجيا واقتصاديا واجتماعيا وعقائديا وعلي كل المستويات‏,‏ واذا اردنا قراءه مفيده وجاده لهذا التقرير وما جاء به من ارقام فلابد من ان نبدا بالقاء نظره مقارنه بيننا وبين هذا الخصم‏,‏ لنتبين حقيقه من فرض علينا الصراع الحضاري والوجودي معه‏.‏

من حيث الترتيب داخل الموشر العام للتقرير احتل الكيان الصهيوني المركز ال‏12‏ عالميا في عام‏2002‏ وال‏16‏ عام‏2003,‏ وثبت في المركز ال‏18‏ في سنوات‏2004‏ و‏2005‏ و‏2006‏ و‏2007‏ ثم تراجع الي المركز ال‏25‏ في‏2008,‏ اما مصر فاحتلت المرتبه المرتبه‏65‏ عامي‏2002‏ و‏2003,‏ ثم قفزت الي المركز‏57‏ في عام‏2004,‏ ثم تراجعت الي المركز‏63‏ عام‏2005,‏ ثم تراجعت الي المركز‏77‏ عام‏2006,‏ ثم قفزت الي المركز‏63‏ مره اخري عام‏2007,‏ ثم عادت للمركز‏76‏ عام‏2008.‏

يتضح من ذلك ان القفز للامام او التراجع للوراء بالمعدلات السابقه يدل علي ان تبادل المواقع والمراتب داخل التقرير هو حدث متكرر ينجم عن تغيرات طفيفه في هذا العامل او ذاك‏,‏ وفي حاله كهذه لابد من الغوص فيما وراء الرقم الدال علي المكانه داخل التقرير للبحث في تفاصيل اوضاع هذا الخصم‏,‏ بما يوضح نقاط الضعف والقوه الضعف والقوه بينه وبين مصر‏.‏

وبمراجعه الارقام الخاصه بكل من مصر والكيان الصهيوني في الموشرات ال‏64‏ الفرعيه التي بني علي اساسها التقييم العام للتقرير الاخير والذي وضع مصر في المرتبه‏76‏ والكيان الصهيوني في المرتبه‏25‏ وجدت الاتي‏:‏

هناك سبعه موشرات فرعيه يتقدم فيها الكيان الصهيوني علي مصر بما يتراوح بين‏80‏ و‏93‏ مرتبه او مركزا من حيث الترتيب‏,‏ وما يتراوح بين‏1.62‏ و‏12.66‏ من حيث الدرجه‏,‏ فمثلا في موشر جوده موسسات البحث العلمي احتل الكيان الصهيوني المرتبه الثالثه علي العالم‏,‏ وجاءت مصر في المرتبه ال‏96‏ علي العالم‏,‏ وتشمل هذه الموشرات جوده نظام التعليم والصادرات من التكنولوجيا المتقدمه وعدد المشتركين في التليفون المحمول ورسوم توصيل التليفون للشركات وجوده مدارس الاداره ومدي وعي ونضج المشتركين‏,‏ وجوده موسسات البحث العلمي‏.‏

هناك‏13‏ موشرا فرعيا يتقدم فيها الكيان الصهيوني علي مصر بما يتراوح بين‏61‏ و‏80‏ مرتبه او مركزا من حيث الترتيب‏,‏ وما يتراوح بين‏1.13‏ و‏21.49‏ من حيث الدرجه‏,‏ فمثلا في الموشر الخاص بخادمات الانترنت المومنه جاء الكيان الصهيوني في المركز رقم‏25‏ علي العالم وجاءت مصر في المركز‏103‏ علي العالم‏,‏ وتشمل هذه الموشرات التعاون في الابحاث بين الشركات والجامعات وجوده تعليم الرياضيات والعلوم وحجم تدريب الموظفين وبراءات الاختراع العمليه وعدد المشتركين في خطوط الانترنت السريعه وحريه الصحافه وتطور السوق الماليه والقدره علي الابتكار ورسوم توصيل التليفون للمنازل وانتشار الانترنت في المدارس وجوده الموردين المحليين والتوافر المحلي من خدمات التدريب والابحاث المتخصصه وخادمات الانترنت المومنه‏.‏

هناك‏19‏ موشرا يتقدم فيها الكيان الصهيوني علي مصر بما يتراوح بين‏41‏ و‏60‏ مرتبه او مركزا من حيث الترتيب‏,‏ وما يتراوح بين‏0.26‏ و‏29‏ من حيث الدرجه‏,‏ فمثلا في موشر شده المنافسه المحليه يحتل الكيان الصهيوني ال مركزا رقم‏32‏ عالميا وتحتل مصر ال مركزا رقم‏92‏ عالميا‏,‏ وتشمل هذه الموشرات سعه بيانات الانترنت وتوافر احدث التقنيات والحاسبات الشخصيه واجمالي معدل الضرائب والاشتراك الشهري التجاري في خطوط التليفون والانفاق علي تعليم الحاسبات وانتشار تراخيص التكنولوجيا الاجنبيه وانفاق الشركات علي البحث والتطوير وانتشار تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في مكاتب وهيئات الحكومه واستيعاب التكنولوجيا في الشركات ومشتريات الحكومه من متنجات التكنولوجيا المتطوره واقل تكلفه للاتصال السريع بالانترنت وخطوط التليفون وموشر الاستعداد للحكومه الالكترونيه وعدد الاجراءات المطلوبه لابرام عقد معين وانتاج الكهرباء والاشتراك الشهري في الاتصال عالي السرعه بالانترنت وسهوله الوصول للمحتوي الرقمي وشده المنافسه المحليه‏.‏

هناك‏13‏ موشرا يتقدم فيها الكيان الصهيوني علي مصر بما يتراوح بين‏20‏ و‏21‏ مرتبه او مركزا من حيث الترتيب‏,‏ وما يتراوح بين‏0.54‏ و‏22.82‏ من حيث الدرجه‏,‏ فمثلا في موشر توافر راس المال البشري الموهل يحتل الكيان الصهيوني المرتبه رقم‏8‏ وتحتل مصر المرتبه رقم‏46,‏ وتضم هذه الموشرات حمايه الملكيه الفكريه واستقلال القضاء وفاعليه وكفاءه سلطات سن القوانين والاشتراك الشهري في التليفونات المنزليه وتكلفه مكالمه التليفون المحمول والستجيل في التعليم الجامعي والقوانين المرتبطه بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعدد الموردين المحليين واتاحه الخدمات الحكوميه علي الانترنت ومستخدمي الانترنت وتوافر العلماء والمهندسين واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكفاءه الحكومه وتوافر راس المال البشري الموهل‏.‏

هناك‏13‏ موشرا يتقدم فيها الكيان الصهيوني علي مصر بما يتراوح بين‏1‏ و‏20‏ مرتبه او مركزا من حيث الترتيب‏,‏ وما يتراوح بين‏0.2‏ و‏1‏ من حيث الدرجه‏,‏ فمثلا في موشر حجم استخدام الانترنت بالشركات يحتل الكيان الصهيوني المرتبه رقم‏17‏ عالميا وتحتل مصر المرتبه رقم‏37‏ عالميا‏,‏ وتضم هذه الموشرات نجاح الحكومه في ترويج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوقت المطلوب لتطبيق العقد واهميه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لرويه الحكومه للمستقبل وكفاءه الاطار القانوني لفض النزاعات وجوده المنافسه في قطاع مزودي خدمات الانترنت وتوافر خطوط التليفون الجديده واولويه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لدي الحكومه وعدد الاجراءات المطلوبه لتاسيس شركه وموشر المشاركه الالكترونيه وحقوق الملكيه وتقنين الاعباء الحكوميه وحجم استخدام الانترنت في الشركات

واخيرا تتفوق مصر علي الكيان الصهيوني في موشرين فقط هما حجم الضرائب وتاثيرها والوقت المطلوب لانشاء شركه وذلك بفارق‏44‏ و‏76‏ مركزا في الترتيب الدولي و‏0.82‏ و‏27‏ في الدرجه علي التوالي‏.‏

لست في حاجه الي القول بان المقارنه السابقه تشكل مصدرا للقلق العميق لدي كل غيور علي مستقبل البلاد‏,‏ فطبقا للتقرير تبدو اوضاعنا امام هذا الخصم الشرس هشه وضعيفه‏,‏ وهذا امر لا يختلف احد علي انه يتجاوز كثيرا مساله الترتيب العام في التقرير‏,‏ فسواء تقدمنا او تاخرنا في الترتيب تبقي نقاط القوه والضعف امام اهم خصومنا مساله لها اعتبارها الاهم ودلالاتها الاقوي التي يتعين علينا جميعا العمل علي مواجهتها بلا ابطاء‏.‏


جمال محمد غيطاس

No comments: