Thursday, July 24, 2008

برامج الحكومة الإلكترونية‏..‏ أطراف صناعية في جسد شبه ميت

كتب جمال غيطاس في الأهرام بتاريخ 22 يوليو 2008

كان الله في عون وزير التنمية الإدارية وفريقه المسئول عن برامج الحكومة الإلكترونية‏,‏ فطوال السنوات الماضية وهم يجهدون أنفسهم في تصميم وتنفيذ هذه البرامج وخدماتها وبوابتها علي الإنترنت ثم لا يحصدون سوي النذر اليسير من الفاعلية والإحساس الجماهيري العام بما يفعلون‏,‏ وفي أحيان كثيرة يعودون من المجتمع بخفي حنين بسبب التجاهل وعدم الوعي‏,‏ وقد تعاندهم الظروف أكثر فيحصدون سخرية يولدها عدم الفهم

‏ والآن تبدو برامجهم داخل الجهاز الحكومي والإداري بالدولة وكأنها أطراف صناعية جيدة التصميم غنية الإمكانات لكنها وضعت في جسد شبه ميت إما لا يستفيد منها علي الإطلاق أو يحدث بينه وبينها تواصل ضعيف لا يتناسب مع ما تحمله من إمكانات أو ما بذل فيها من جهد‏,‏ ووضع كهذا يكرس نجاح ظاهرة النجاح التقني والتعثر المجتمعي لهذه البرامج‏,‏ وهذه معضلة تحتاج مصارحة في المناقشة‏,‏ لأن النجاح التقني المصحوب بالتعثر المجتمعي معناه موارد ضخمة تتبدد وجهود كبيرة تتمدد ثم تصبح كالنقش في الماء‏,‏ وهذا ما لا يطيقه أحد‏.‏

دون مواربة أقول إن السبب الأساسي في هذه المعضلة أن الحكومة ـ ومن ورائها جهاز الدولة الإداري البيروقراطي ككل ـ لا تتعامل مع هذه البرامج باعتبارها فكرا جديدا وفلسفة مختلفة في العلاقة مع المواطن‏,‏ ورؤية مغايرة لحقوقه وواجباته تفرض تغييرا جذريا في منهجيات العمل والبناء المؤسسي الداخلي لجميع الهيئات والمؤسسات‏,‏ بل تتعامل معها باعتبارها مجرد أداة تحقق بعض التجميل السطحي في صورتها أمام الجماهير والعالم مجاراة لموضة التكنولوجيا‏,‏ دون المساس بما ورثته من سلطة أو ما تطبقه من طرق ومنهجيات في الأداء أو تعتنقه من رؤية لحقوقها وواجبات المواطن‏..‏ كيف ؟

التعرف علي ذلك عن قرب يتطلب إيضاح فكر وفلسفة النموذج الحكومي البيروقراطي العتيق الموروث عالميا ـ وليس مصريا فقط ـ والذي تتحدد علي أساسه طريقة تعامل أي حكومة تقليدية مع جماهيرها‏,‏ وأيضا إيضاح فكرة وفلسفة النموذج الحكومي الإلكتروني الحديث وليد عصر المعلوماتية وثورة الاتصالات والذي تتحدد علي أساسه طريقة تعامل أي حكومة عصرية إلكترونية مع جماهيرها‏,‏ وهنا أنا أستند إلي التحليل المطول الذي كتبته جلوريا إيفانز حول تجربة برنامج الحكومة الإلكترونية البريطانية خلال عامي‏2001‏ و‏2003‏وصدر بعد ذلك في كتاب بعنوان الحكومة الإلكترونية‏

وكان عماده الأساسي دراسة نقدية عميقة ورصينة لتجربة الحكومة الإلكترونية الإنجليزية قامت بها مؤسسة فورستر للأبحاث‏.‏

إن الفكر السائد منذ قرون طويلة لدي الأجهزة البيروقراطية عالميا جعل الحكومة التقليدية تتصف بالعديد من الصفات منها أنها‏:‏

ـ هرمية البناء وخضوع المستوي الأدني للمستوي الأعلي والتلقي منه بلا مناقشة‏.‏

ـ تجعل من نفسها القلب أو المركز الذي يدور حوله ويستجيب له ويخضع له كل ما سواه‏,‏ وتركز علي تحقيق ما تراه أو تضعه هي وإداراتها وهيئاتها من أهداف‏,‏ بينما الشعب والمواطنين وأصحاب المصلحة والجمعيات والمؤسسات التجارية فيوجدون علي الهامش ويسودهم شعور بأن آراءهم لا يتم تقديرها والاعتداد بها‏.‏

ـ سلطوية تتبع أسلوب إصدار التعليمات وتقديم الإرشادات الواجبة التنفيذ‏.‏

ـ تعتنق فكرة أن الحكومة هي الأساس وتركز علي الخطط والاستراتيجيات التي توضع لتخفيف الأعباء عن نفسها‏.‏

ـ تتغلب لديها ثقافة اعتقال المعلومات وحجبها علي ثقافة حرية المعلومات والإفصاح عنها‏.‏

ـ مستوي تفاعلها مع المواطنين وأصحاب المصلحة الآخرين منخفض ويركز علي أهداف الإدارات الداخلية والتعامل مع الحدث بعد وقوعه كرد فعل وتعاملاتها المباشرة مع المتعاملين معقدة بشدة وتفتقد التنسيق مما يسبب شعورا بالإحباط الشديد لدي المواطنين‏.‏

ـ تستخدم تكنولوجيات جديدة دون أخذ المستخدمين في الاعتبار‏.‏

ـ تتعامل مع الأحداث بعد وقوعها وتلتزم بقيود إجرائية وتستجيب للتغيير ولا تسعي إلي إحداثه‏.‏

ـ تري مصدر القوة هو اللجوء إلي فرض الاستقرار من خلال جعل الهياكل والطرق التقليدية هي الأساس لمختلف العمليات والثقافات السائدة في العمل‏,‏ ولذلك فإنه عند حدوث تغيير علي نطاق واسع أو المطالبة به يبدو ذلك في نظر الحكومة وكأنه انقلاب جوهري علي كل المستويات‏.‏

ـ تبدو كالقلعة المغلقة علي أصحابها ونظمها‏,‏ حيث يتم بداخلها فقط التعرف علي ما يجب علي المؤسسة أن تقوم به وكيفية القيام بذلك ومن ثم تقديمه بشكل مستقل‏.‏

ـ تسودها علاقات غير متكاملة وتتم علي أساس بيروقراطي بين الإدارات والمستويات المختلفة بداخلها‏.‏

ـ تميل إلي رفض التحديث والتعديل ولا تجرب وتتهرب من المسئولية ويكون لمبدأ كبش الفداء تأثير قوي وفعال في بيئة العمل‏,‏ كما تتسمك بطرق وأساليب العمل القديمة‏.‏

ـ بطيئة الاستجابة ومعدل استجابتها لمواطنيها يقاس بالشهور ويتأثر بهياكل وأساليب العمل التقليدية وعدم الترابط بين الإدارات وصعوبة التعديل‏.‏

ـ تميل إلي تغييرات تكتيكية لتحقيق غرض معين يلبي احتياجات فورية‏,‏ وتعيد استخدام المراحل التي تم إنجازها بدلا من العمل علي تطويرها وتحديثها‏,‏ وغالبا ما تمارس التحسين والتطوير بصورة متقطعة‏.‏

في المقابل فإن الفلسفة والفكر الذي قامت عليه مفاهيم وبرامج الحكومة الإلكترونية يحاول بناء حكومة تتصف بأنها‏:‏

ـ ذات تنظيم شبكي تعتبر أن مهمتها الأولي تقديم الخدمات ويقوم عملها علي التعاون في العمل بين جميع النظم القائمة ومشاركة الخبراء من الخارج‏.‏

ـ تركز علي تحقيق الأهداف المتعلقة بأصحاب المصلحة من الجمهور‏,‏ بالإضافة لتحسين عملية تقديم الخدمات‏.‏

ـ تعاونية تجاه مواطنيها وذات تفاعل عال معهم وتهتم برصد ردود الفعل لديهم وتركز علي أهدافهم ومتطلباتهم وتتعامل مع الأحداث قبل وقوعها بشكل يشجع علي المشاركة النشطة والتواصل الفعال‏,‏ وبالتالي يشعر المواطنون بأنهم أصبحوا جزءا من الحكومة وأكثر سيطرة علي مصيرهم الخاص‏.‏

ـ‏'‏ منصتة‏'‏ وتعتبر المواطنين هم الأساس وتركز علي إرضائهم‏,‏ وتعتمد منهج يقوم علي تولي المواطنين أنفسهم لمسئولية إدارة علاقتهم مع الحكومة‏.‏

ـ توازن بين الحق في حرية المعلومات وتداولها ومقتضيات أمن وحماية البيانات والمعلومات وصيانتها‏.‏

ـ قائمة علي نموذج اتصالات متكامل فيما يتعلق بالتواصل بين وحداتها‏,‏ ويستند هذا النموذج إلي قيم وأخلاقيات المشاركة والتعاون في العمل والمبادرة

ـ تتعامل مع الحدث قبل وقوعه وتبحث عن ابتكار طرق جديدة لأداء الأعمال وتقديم الخدمات بشكل أفضل وتبادر بإحداث التغيير واستيعابه بدلا من انتظار حدوثه ثم الاستجابة له‏.‏

ـ تري أن مصدر القوة هو امتلاك طرق وأساليب العمل وبنية تنظيمية تتسم بالمرونة وسرعة الاستجابة‏,‏ وشكل مؤسسي يسمح بالتكيف مع التغييرات الشاملة والرئيسية واستيعابها بسهولة وبأقل قدر من تعطيل سير العمل‏.‏

ـ مفتوحة وقائمة علي التعددية والتنوع وتعتمد علي الآخرين كي يقدموا العون في عملية تقديم الخدمات‏.‏

ـ تعتمد علي رأس المال الفكري وعلي خبرة الموظفين وعلي أساليب عمل مرنة كنظام العمل من المنزل أو طرق العمل عن بعد وفقا لحاجة العمل‏.‏

ـ تقبل بفكرة المخاطرة‏,‏ وتدعم تحمل المسئولية والعمل وفقا لأساليب بتقديم المكافآت والحوافز للموظفين وتطبق قرارات وأساليب عمل جديدة ومبتكرة تتيح التعامل مع المخاطر بشكل فعال‏.‏

ـ جهودها تتكامل مع جهود شركائها من المواطنين والجهات الأخري بشكل فعلي وتوافق علي قيام الشركاء بإدارة الخدمات إذا كان ذلك يفيد عملية تقديم هذه الخدمات‏.‏

ـ تستجيب لطلبات مواطنيها خلال ساعات ودائما في حالة متابعة وتعديل وتحسين لأدائها من خلال استخدام وسائل منهجية مترابطة تستجيب للتغيرات بشكل سريع وسهل‏.‏

ـ استشارية تشجع وتسهل إبداء الآراء في تقارير الإفادة علي كل المستويات‏.‏

ـ تنفذ استراتيجية تنمية وتطوير بشكل قائم علي المبادرة وبرامجها التنموية تتم وفق رؤية أكثر شمولا ودائما ما يتم تنمية وتطوير ما تم إنجازه‏,‏ وبالتالي هناك حالة دائمة من التغيير السلس والمستمر‏.‏

وتؤكد الخبرات الدولية ـ بما فيها التجربة البريطانية المشار إليها ـ أن أية حكومة تقرر تنفيذ برامج للحكومة الإلكترونية يتحتم عليها أولا أن تغير نفسها وتقلع عن الإطار الفكري المؤسساتي القديم بملامحه المشار إليها‏,‏ وتقبل وتطبق الفكر الجديد بملامحه التي تتناسب وطبيعة برامج الحكومة الإلكترونية‏

وبدون هذا التغيير الجوهري في الرؤي والأفكار يكون مصير برامج الحكومة الإلكترونية الفشل والعجز عن الانتشار مجتمعيا‏,‏ لأنه من المستحيل علي حكومة سلطوية تضع نفسها في المركز وتدفع شعبها إلي الهامش وتقدم خدماتها ببطء وتمن علي شعبها بما تفعل أن تقنع الناس بما تفعله في مجال الحكومة الإلكترونية‏.‏

في ضوء ذلك فإننا لو قارنا الفكر والفلسفة التي يعمل بها النموذج الحكومي المصري مع الفكر والفلسفة المطلوبة لنموذج الحكومة الإلكترونية ومساحة التقارب والابتعاد بينهما‏,‏ سنكتشف أن الحكومة وهي تنفذ برامج الحكومة الإلكترونية تجاهلت ـ عمدا أو جهلا ـ البعد الخاص بتحديث وتغيير الفكر والفلسفة والرؤية ومنهجيات إدارة العلاقة مع المواطنين‏,‏ وانصب اهتمامها علي الأدوات والأجهزة والبرمجيات والخبرات التقنية التي راحت تنفق عليها إما مصادفة أو رياء

والنتيجة أن صورتها التقليدية ذات الملامح غير المقبولة لا تزال كما هي دون تغيير‏,‏ ولذلك فإن المواطن حينما يسمع بالحكومة الإلكترونية لا يجد أمامه ما يجعله يقتنع بأن شيئا ما تغير لدي الحكومة‏,‏ ومن ثم لا يتهيأ عقليا ونفسيا وعمليا لتقبل فكر الحكومة الإلكترونية كشيء جديد‏,‏ وهذا بالضبط السبب الذي أورد برامج الحكومة الإلكترونية مورد التجاهل وعدم الفهم ومحدودية الانتشار وانعدام الثقة مجتمعيا‏

وجعلها في نهاية المطاف أشبه بأطراف صناعية غريبة ملتصقة بجسد مجتمع منهك سواده الأعظم غير راض عن حكومته‏,‏ فكان طبيعيا أن نجد من يسخر من هذه البرامج بدلا من تقديرها‏.‏


Monday, July 21, 2008

رفع اسعار المكالمات المحليه‏50%..‏ لماذا؟



حينما طالعت ما اعلنه مسئولو وزاره الاتصالات والشركه المصريه للاتصالات حول التعريفه الاخيره لاسعار المكالمات المحليه للتليفون الثابت والتي ارتفعت فيها اسعار المكالمات المحليه‏50%..‏ تذكرت القصيده التي كتبها الشاعر الكبير احمد فواد نجم عام‏1967‏ بعد النكسه بعنوان‏'‏بقره حاحا‏'‏ والتي حاول فيها وصف احوال مصر في ذلك الوقت‏,‏ واستاذن الشاعر الكبير في القول بانني حينما قرات القصيده وتاملت ما يقوله مسئولو الوزاره والشركه وجدت كما لو ان القصيده كتبت للشركه اليوم وليس لمصر عام‏1967,‏ فنحن امام شركه تمثل شريحه من جهد وعرق الوطن عبر اكثر من مائه عام‏,‏ تتعرض للحلب من جهات مختلفه‏,‏ بعد محاصرتها وتكتيفها بسياسات حرمتها طوال السنوات الماضيه من ممارسه العديد من حقوقها‏,‏ حتي اصبحت تتشابه في كثير من الاحوال مع البقره حاحا‏.‏

تاملت قصيده نجم فوجدتني اقسمها قسمين‏,‏ الاول يصلح لوصف ما جري للمصريه للاتصالات خلال الاعوام السابقه‏,‏ والثاني اخشي ان ينطبق علي احوال الشركه خلال اعوامها المقبله‏,‏ فكلمات النصف الاول من القصيده تقول‏:'‏ناح النواح والنواحه‏,‏ علي بقره حاحا النطاحه‏,‏ والبقره حلوب‏,‏ تحلب قنطار‏,‏ لكن مسلوب‏,‏ من اهل الدار‏,‏ والدار بصحاب‏,‏ واحداشر باب‏,‏ غير السراديب‏,‏ وجحور الديب‏,‏ وبيبان الدار‏,‏ واقفين زنهار‏,‏ ويوم معلوم‏,‏ عملوها الروم‏,‏ زقوا الترباس‏,‏ هربوا الحراس‏,‏ دخلوا الخواجات‏,‏ شفطوا اللبنات‏,‏ والبقره تنادي‏,‏ وتقول يا ولادي‏,‏ وولاد الشوم‏,‏ رايحين ف النوم‏'.‏

الان انظر معي لهذه اللمحات البسيطه من تاريخ المصريه للاتصالات خلال القرن‏21:‏ حينما ظهر المحمول عالميا وتسارعت وتيره ثوره الاتصالات وازداد تلاحمها مع ثوره تكنولوجيا المعلومات‏,‏ تغيرت بيئه الاتصالات عالميا تغيرا جذريا جعل شركات الاتصالات الام الرئيسيه كالمصريه للاتصالات غير قادره علي العمل بمفاهيمها القديمه كشركات نقل صوت تعتمد في دخلها الاساسي علي مشتركيها المرغمين علي التعامل معها‏,‏ فقد دخل الساحه معها شركات المحمول وشركات نقل البيانات التي بدات تنقل الصوت عبر شبكات المعلومات ببروتوكولات الانترنت الي غير ذلك من البدائل‏

وحينما نراجع الخبرات السياسات والاستراتيجيات التي عالجت بها الشركات الام عالميا واقليميا هذه التحديات نجد ان الاتجاه العام في هذه السياسات منذ نهايات القرن الماضي وحتي الان قام علي تطوير البنيه الاساسيه للشركات الام وتحديثها لتصبح قادره علي توسيع قاعده نشاطها وتنويعها لتقدم الخدمات والاشكال الاتصاليه الجديده وفي القلب منها خدمات المحمول وخدمات نقل البيانات والمعلومات‏,‏ بعباره اخري تمثل المخرج في امتلاك الشركه الام او قيامها بتشغيل شبكه للمحمول مع توظيف بنيتها الاساسيه في تقديم الخدمات الجديده‏,‏ فما الذي حدث للمصريه للاتصالات؟

كانت الشركه هيئه قوميه تابعه للدوله ثم حدث ما يعرف بالتحرير فتحولت لشركه تملك الحكومه اغلب اسهمها‏,‏ وساعتها كان بها العديد من العثرات كتقادم التكنولوجيا وتدني الخدمات في كثير من المناطق والاحيان‏,‏ والتمتع بهيمنه كامله علي السوق تمنحها مناعه زائفه في بعض الجوانب‏,‏ لكن الاهم انه كان لديها من العافيه والقوه والرسوخ ما يجعلها تحقق وفرا ماليا يصل الي مستوي تمويل المرحله الاولي لمشروع عملاق كمترو الانفاق‏,‏ وكان هذا تحديدا هو‏'‏ لبن حاحا‏'‏ الذي لفت لها انظار‏'‏ الروم‏'‏ كيف؟‏..‏ اليك بعض مما حدث‏:‏

في وقت التحرير كان لدي الشركه القدره الفنيه والحق الكامل في تقديم خدمات الانترنت وخدمات البيانات والمعلومات للجماهير العريضه بالاستفاده من بنيتها الاساسيه‏,‏ وفي عام‏99‏ ‏2000‏ حينما بدات تجربه الانترنت بقيمه المكالمه التليفونيه او ما اصطلح عليه بالانترنت المجاني‏,‏ تم تقييد حق الشركه في تقديم هذه الخدمات بامكاناتها الواسعه للناس مباشره‏,‏ وذلك بحجه افساح المجال امام القطاع الخاص لكي يتقدم وينمو‏,‏ وبدا الامر نظريا وكان هذه السياسات تهئ المجال لارساء اسس صناعه جديده في مجال خدمات الاتصالات‏,‏ وفي لحظه تنبه بعض العقلاء للظلم الذي تتعرض له الشركه جراء تقييد حقها في ممارسه هذا النشاط‏

فتم انشاء كيان موازي تابع لها لتمارس من خلاله بعض حقها المشروع في هذه الكعكه‏,‏ وخلال فتره التنفيذ والتشغيل اختلطت الدعايه السياسيه مع قواعد العمل الصحيحه او‏'‏ اصول البيزنس‏',‏ وبعد سنوات كانت النتيجه ان غالبيه الشركات التي تغني البعض بانه افسح المجال لانشائها سقطت في الطريق وتوارت عن الانظار مخلفه ورائها تركه ثقيله من المشكلات في مقدمتها الديون المستحقه للمصريه للاتصالات‏,‏ وفي الوقت نفسه بدانا نلاحظ ان بند‏'‏ ديون مشكوك في تحصيلها‏'‏ يتضخم في الميزانيات التي تنشرها المصريه للاتصالات سنه وراء الاخري‏,‏ حتي ان العديد من الخبراء كالاستاذ عبدالخالق فاروق بدا يربط بين عدم قدره شركات الانترنت وخدمات الاتصالات والمعلومات علي الوفاء بحقوقها تجاه المصريه للاتصالات وبين تصاعد حجم الديون المشكوك في تحصيلها لدي الشركه الام

وراي فاروق في تحليلاته ان المصريه للاتصالات ربما تكون قد تعرضت لعمليه تجريف للمال العام الموجود لديها الي بعض اطراف القطاع الخاص الذين قامروا وخسروا وصدروا مشكلاتهم للشركه‏,‏ والخلاصه لم تحصل الشركه علي حقها الكامل في تقديم خدمات الانترنت والاتصالات الجديده‏.‏

وفي بدايه التحرير ايضا كان لدي الشركه شبكه ورخصه للمحمول‏,‏ ثم فقدتهما كرها بثمن لا يوازي ما كانت ستحصل عليه فيما لو حصلت علي حقها الطبيعي والمشروع في انشاء وتشغيل شبكه محمول تراعي فيها القواعد الاحترافيه‏,‏ وحينما افاق مسئولو الشركه ومعهم من اقدموا علي سلبها هذا الحق وراوا الامور تتداعي مع الوقت لم يجدوا امامهم سوي شراء حصه من اسهم احدي الشبكات القائمه كنوع من التعويض النسبي وتبرير عدم امتلاك الشركه لحضور قوي وفاعل ومباشر في ساحه المحمول‏,‏ وبالطبع حقق هذا التصرف بعض النتائج الحسنه‏,‏ لكنه لم يعوض الشركه عن النتائج المترتبه علي اخراجها او حرمانها من ان تكون لاعبا موثرا في ساحه المحمول وتمتلك شبكتها الخاصه‏,‏ والنتيجه ان مسئوليها يشكون الان من ان الناس ذهبت للمحمول وتركت الارضي وانه لابد من البحث عن موارد جديده لتعويض خسائر هروب الجمهور للمحمول‏.‏

والان حينما ياتي مسئولو الشركه ووزاره الاتصالات ليتحدثوا عن‏'‏ المرحله الثانيه لاعاده هيكله تعريفه الاتصالات‏'‏ فنحن امام مشهد جديد مما تلاقيه الشركه ليس ببعيد عما تحدثت عنه القصيده‏,‏ فحسب تصريحات مسئولي الشركه والوزاره الاسبوع الماضي فان اعاده الهيكله شملت تخفيضات في رسوم التركيب‏250‏ جنيها تعادل‏50%‏ وفي تعريفه النداء الالي‏4‏ قروش وقرشين بنسبه‏20%,‏ وتعريفه الاتصال بين الثابت والمحمول‏15‏ قرشا بنسبه‏33%,‏ لكن في المقابل ارتفعت قيمه المكالمه المحليه بنسبه قرش صاغ يعادل‏50%,‏ والاشتراك الشهري جنيهان بنسبه‏20%,‏ واجهد المسئولون انفسهم في شرح مبررات هذه التعديلات وفي تصويرها للناس خطا علي انها تخفيضات‏,‏ واتبعوا في ذلك اساليب عجيبه للحساب‏,‏ حتي ان رئيس الشركه جمع نسب التخفيض وجمع نسب الزياده وانتهي الي ان كفه التخفيضات هي الارجح‏,‏ ولا اعرف كيف يستقيم حساب الامور علي هذا النحو؟

ان مصروفات التركيب تدفع مره واحده‏,‏ وعدد مكالمات النداء الالي لاي مشترك يقل كثيرا عن المكالمات المحليه‏,‏ والاتصال من الثابت للمحمول قيمه مضافه علي الخط لا يصح ربطها ربطا تعسفيا بالمكالمه المحليه‏,‏ علاوه علي ان الاتصال بالمحمول والنداء الالي تسبقه مكالمه محليه يدفعها المواطن في كل الاحوال‏,‏ اي ان المشترك قبل ان يتمتع بتخفيض تعريفتي النداء الالي والمحمول يكون قد دفع مسبقا قيمه الزياده في المكالمه المحليه‏,‏ ودون الخوض في الارقام التي ساقها مسئولو الوزاره والشركه والتي يسهل الرد عليها‏,‏ فنحن من الناحيه العمليه امام تخفيضات‏'‏ تجميليه هامشيه‏'‏ هدفها تمرير وتخفيف صدمه رفع سعر المكالمه المحليه بنسبه‏50%‏ والاشتراك الشهري‏20%‏ دفعه واحده‏

واقول صدمه لان سعر المكالمه والاشتراك الشهري هما‏'‏ قلب ومحور‏'‏ الفاتوره وقلب ومحور دخل الشركه من هذه الخدمه وفيما عدا ذلك امور غير موثره‏,‏ والتخابث في عرض الامر علي الناس بان الزياده‏'‏ قرش صاغ واحد في الدقيقه‏'‏ لعب بالالفاظ يفترض في الناس الغباء وعدم الفهم‏,‏ وهو امر لا يليق عند مخاطبه الراي العام‏,‏ فالناس لا تذهب في نهايه كل ثلاثه اشهر لتدفع بالقرش والدقيقه‏,‏ بل تدفع فواتير بمئات الجنيهات سوف تزيد بمقدار النصف علي الاقل‏,‏ وهذه هي النتيجه النهائيه بالنسبه للقطاع الاوسع من المشتركين‏.‏

اننا يجب الا ان ننسي ان الشركه طبقا لجداول ميزانياتها الاخيره حققت ارباحا تجاوزت المليار جنيه‏,‏ وبالتالي فالتحجج بالبحث عن موارد اضافيه يبدو امرا غير منطقي‏,‏ خاصه اذا اعتبرنا الشركه كيانا تسيطر عليه الدوله ومملوكا بصوره او باخري للشعب‏,‏ ويتعين ان يكون لمسئولياته الاجتماعيه يد طولي في سياسات التسعير خاصه اذا كان كيانا رابحا‏.‏

وتقديري ان الوجه الحقيقي لهذه التعديلات هو انها جزء من عمليه التهيئه الدءوبه طويله النفس الجاريه منذ سنوات من اجل فتح المجال امام ادخال شركه ثانيه في مجال التليفون الثابت‏,‏ وهذه التهيئه تحدث بها البعض همسا والبعض علانيه حتي من مسئولي وزاره الاتصالات انفسهم‏,‏ ومن يعود الي تصريحاتهم السابقه سيري بين ثناياها ما يفيد بان التعديلات المتتاليه في تعريفه الاتصالات وما يصاحبها من ارتفاعات هو جزء من‏'‏ سياسه تحرير القطاع وفتحه امام الاستثمار الخاص في الثابت والمحمول‏',‏ وتقديري ان التعريفه الجديده جزء من‏'‏ التهيئه‏'‏ التي تعرض الشركه لدوره‏'‏ حلب جديده‏',‏ فرفع الاسعار علي هذا النحو له احد احتمالين‏:‏ الاول ان يكون استعدادا مبكرا من الشركه لتامين عوائد باسرع ما تستطيع قبل دخول المشغل الثاني تحسبا لقيام الشركه الثانيه بخفض الاسعار وساعتها ستقوم المصريه للاتصالات بالتخفيض

والثاني ان المستثمرين الراغبين في دخول الشركه الثانيه طلبوا رفع اسعار الاتصالات المحليه والاشتراكات الشهريه الي المستويات التي تسمح لهم بتحقيق العوائد التي يرونها مناسبه ويستطيعون بها التنافس مع المصريه للاتصالات‏

وهذا المنطق يتماشي مع ما قاله البعض همسا وعرضا عن‏'‏ استراتيجيه تحرير الاتصالات‏'‏ اكثر من مره‏,‏ وبالطبع نحن نرفض ما يردده البعض من ان رفع السعر خطه مبيته لضرب‏'‏ البقره‏',‏ تقضي بان يبدا المشغل الثاني في العمل ثم يفاجيء الناس باسعار مخفضه تجعلهم يهرولون اليه تاركين المصريه للاتصالات تلعق جراحها فتقع‏,‏ وتقديري ان القائمين علي امر الوزاره والشركه ليسوا من النوعيه التي تهزم نفسها وموسساتها علي هذا النحو‏,‏ وان كان قد لفت نظري ان هولاء المسئولين تعاملوا مع العلاقه بالمشغل الثاني في تصريحاتهم الاخيره علي طريقه‏'‏ يكاد المريب يقول خذوني‏',‏ فقبل ان يوجه لهم احد نقدا او تساولا سارعوا الي نفي ايه علاقه بين رفع السعر والمشغل الثاني‏.‏خلاصه القول ان المصريه للاتصالات تكاد تصبح‏'‏ بقره حاحا القرن‏21'

والموشرات الحاليه تجعلنا نخشي من ان تتطور الامور الي الحد الذي يجعل النصف الثاني من القصيده ينطبق عليها خلال السنوات المقبله‏,‏ ولمن لا يعرف فان كلمات النصف الثاني من قصيده نجم تقول‏:'‏ البقره انقهرت‏,‏ ف القهر انصهرت‏,‏ وقعت ف البير‏,‏ سالوا النواطير‏,‏ طب وقعت ليه‏,‏ وقعت م الخوف‏,‏ والخوف ييجي ليه‏,‏ من عدم الشوف‏,‏ وقعت م الجوع‏,‏ ومن الراحه‏,‏ البقره السمره النطاحه‏'.

Thursday, July 03, 2008

برنامج صغير تخشاه سيسكو ونورتل وآفايا!

طرح مؤخرا إصدار جديد يعمل بنظام ويندوز من برنامج اتصالات الهاتف أستريكس Asterisk الذي يعد نظام تشغيل للهاتف وكان عند طرحه عام 1999 يعمل بنظام لينوكس فقط. وجرى تنزيل البرنامج الذي يعتمد على كود خادم أباشي Apache، منذ ذلك الحين حوالي 500 ألف مرة ويقوم بتنزيله ألف شخص يوميا.

رابط الخبر الأصلي

Google’s culture ‘not fit’ for enterprise apps

Anyone hoping that Google Apps can rival Microsoft’s products in the enterprise marketplace will have pause for thought after reading the astonishing testimony of development manager Sergey Solyanik, who has just gone Back to Microsoft after a stint working at Google.

more...